IMLebanon

حزب الله «طفح كيله» من السعودية

السقف السياسي المرتفع الذي تحدث به الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يعبر عن الازمة الحقيقية في المنطقة، بحسب مصادر في 8 آذار، لكن ما كان الرجل ليتحدث بهذا الشكل المباشر لو لم يطفح كيل الصبر، وفي الحقيقة ليس «كيلاً» بل مستودعات الصبر الضخمة منذ العام 2005 الى اليوم، اذ لم تترك المملكة العربية السعودية، باباً كي تبقى سقوف حزب الله عادية في التخاطب معها، لكن ما تفعله في لبنان والمنطقة لم يعد يحتمل ضد حكومات وقوى تعارضها او تتعارض معها في السياسات الاقليمية والدولية، خصوصا ان المملكة لم تعد يقتصر دورها على التمويل للجماعات الارهابية، بعد ان فقدت دور الوسيط او صورة الوسيط الذي كانت تظهرها في سياساتها الخارجية.

الكباش مع المملكة واضح من لبنان الى اليمن وبينهما سوريا والعراق، مناطق اخرى كفلسطين وملفات حساسة كالملف النووي الايراني، اضافة بالاساس الى المقاومة الاسلامية في لبنان التي طالما وقفت السعودية ضدها في مختلف الظروف، لدرجة ان مال السعودية الذي جرى دفعه بعد عدوان تموز جرى تهريبه الى صرف مغاير بعلم السفير السعودي السابق، ولم تحرّك المملكة ساكناً.

حزب الله وفق المصادر نفسها، يملك معلومات وحقائق ملموسة عن التعطيل السعودي وعن الدعم السعودي المباشر للجماعات المسلحة في كل من لبنان وسوريا والعراق، هذا عدا عن الارتكابات الموثقة دولياً لدى المنظمات الدولية في البحرين، حزب الله بحسب المصادر، ما عاد يستطيع ان يقف مكتوف اليدين او صامتاً على السياسة الخارجية وعلى الحركة العسكرية ضده وضدّ حلفائه في المنطقة فالمملكة ضدّ (الحشد الشعبي في العراق، وانصار الله في اليمن، وحزب الله في لبنان، وقوى المقاومة الاسلامية والوطنية في فلسطين باستثناء «حماس» وضدّ الرئيس بشار الاسد في سوريا).

واشارت المصادر الى ان دور الوسيط في التسويات الداخلية ـ الوطنية والاقليمية التي كانت تلتزمه المملكة في القضايا العربية فقدته بعد حرب تموز، لكن حزب الله ما اراد الحديث، لما للملكة من دور، وللابتعاد قدر الامكان عن الشحن المذهبي الذي برأي المصادر اوغلت السعودية في تمويل محاولات الفتنة المذهبية في اكثر من دولة عربية وتحديداً في لبنان وسوريا والعراق، هذا عدا عن البحرين واليمن.

بالطبع ما يمكن القول والافصاح عنه داخلياً ان الرسائل حساسة جداً وان موقف حزب الله من المملكة العربية السعودية الذي اعلنه السيد نصرالله، يقول بوضوح ان تفرّد المملكة بأختيار رئيس للحكومة في لبنان، هذا العهد انتهى، اذ لم تعدّ المملكة في ظل هذا الكباش الاقليمي مع محور المقاومة ان تسمي رئيساً للحكومة منفردة على الاطلاق، كما انها لم تعدّ قادرة على المونة بأختيار اسم رئيس للجمهورية مباشرة او من خلال الاميركي او الفرنسي، اذ اصبح لها شريك طالما ان اللبنانيين لا يختارون رئيسهم بانفسهم، والى ان يحين هذا الوقت ليس بمقدور السعودية من الأن فصاعداً لا الانفراد بأسم رئيس الحكومة ولا بالمونة العالية بالتدخل في اختيار اسم رئيس الجمهورية، اذ باتت واحدة من اطراف اقليمية متعددين في هذه الاستحقاقات.

حزب الله عبر امينه العام السيد نصرالله شخّص الامر والمسائل بشفافية تؤكد المصادر، في اكثر من موقف خلال الشهر الجاري عندما اعتبر ان الوهابية باتت خطراً على الانسانية وخطراً على السعوديين كمواطنيين وحكام، واوضح تفاصيل الامور واشار الى ان المشكلة الاساسية مع واشنطن والباقي من التابعين، وسمى بالاسم الامور، اي فتح باب النقاش الناعم والحاد.

التوقيت الذي اطلق الحديث فيه السيد نصرالله المتزامن مع اطلاق هتافات من التعبئة او الحضور على مدى يومين ضد العائلة المالكة في السعودية تشير بوضوح وبحسب المصادر، الى ان المعركة السياسية جرى فتحها مع المملكة دون الاخذ بأي اعتبارات كانت ما تزال حاضرة على مدى سنوات، هذا مع العلم الى ان حزب الله وايران وسوريا والعراق طالما تعرضوا على مدى السنوات العشر الماضية وباستمرار الى الهجوم الاعلامي والسياسي والآن العسكري، هذا عدا عن التصرف الرسمي السعودي بموضوع استشهاد مئات الحجاج، اضافة الى العدوان المستمر على اليمن الذي يدخل شهره الثامن.

واكدت المصادر ان حزب الله كما هو واضح وبات لا يخشى الاعتبارات الطائفية والمذهبية التي طالما راعاها، وهو يعتبر انه حاول على مدى سنوات طويلة مراعاة هذا الشأن لكن المملكة مسؤولين وحكام ونخب لم تراعها، لا في لبنان ولا العراق ولا سوريا ولا البحرين ولا اليمن.

كل هذا يشير الى ان مرحلة جديدة من الكباش الاقليمي، بدأ على حدّ قول المصادر، فكما يهاجم المستقبل وحلفاء المستقبل ايران وولاية الفقيه منذ عشر سنوات دون مراعاة، اليوم فريق 8 اذار وعلى رأسه حزب الله بدأ بانتهاج نفس الاسلوب مع المملكة العربية السعودية.