هذه هي نقاط القوة في انتخابات الجنوب
«حزب الله» مطمئن: الرسالة وصلت لمن يهمّه الأمر
شاءت الظروف السياسية والضغوط غير المسبوقة التي تتعرض لها المقاومة، على مستويات وجبهات عدة، أن تمنح الانتخابات البلدية في الجنوب معان ودلالات خاصة، فاضت عن الوعاء الانمائي ـ العائلي.
وعلى هذه القاعدة، أصبح لكل تفصيل في هذه الانتخابات مغزاه: حجم المشاركة الشعبية في الاقتراع، نسبة الالتزام باللوائح المشتركة بين «حركة أمل» و «حزب الله»، هويات المنافسين وشعاراتهم، ثم النتائج النهائية.
ولما كان فوز الثنائي الشيعي بالأكثرية الساحقة من المجالس البلدية في البيئة الجنوبية قد حُسم قبل فتح صناديق الاقتراع، برغم بعض الخروقات الموضعية اللاحقة التي عززت مصداقية العملية الانتخابية، فان الاختبار الأساسي تمحور، بهذا المعنى، حول قياس معدلات التصويت الشعبي، لا حول حصيلته المعروفة سلفاً.
وعليه، يصبح السؤال المطروح غداة الانتخابات: هل فاز تحالف «حزب الله» ـ «حركة أمل» بنسبة اقتراع وازنة، يمكن ان تشكل رسالة لمن يهمه الأمر، أم ان أرقام الاقبال الشعبي هي أضعف من ان تحتمل أوزانا سياسية ثقيلة؟
يؤكد مطلعون على القراءة الأولية التي أجراها «حزب الله» لوقائع المشهد الانتخابي في الجنوب، ان نسبة الاقتراع الاجمالية في معظم الاقضية الحاضنة للثنائي الشيعي كانت بالنسبة الى حسابات الحزب، أكبر من المتوقع، برغم انها أقل (بفارق بسيط) عن معدل المشاركة في الانتخابات البلدية عام 2010.
ويلفت هؤلاء الانتباه الى ان استحقاق 2010 كان بمثابة التجربة البلدية المشتركة الاولى بين «حزب الله» و «حركة أمل»، ما استدعى في ذلك الحين توثباً شديداً من القيادة والقاعدة لتثبيت معادلة الشراكة وإنجاحها وضمان احترامها وعدم الاخلال بها في اعقاب المواجهة البلدية عام 2004، «اما وإن التحالف بات مع مرور الوقت نمط حياة، والانسجام بين القواعد أصبح كبيراً وانسيابياً، فإن نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات هذه المرة تُعتبر كثيفة، وأكثر من مقبولة، قياساً الى هذا الواقع وما أنتجه من حالة استرخاء وطمأنينة لدى قواعد التنظيمين».
ويشير المطلعون على مناخ الحزب، بعد انتهاء الانتخابات البلدية، الى ان من العوامل التي حالت دون تجاوز حجم الاقتراع ما سُجل عام 2010، حصول تزكية في قرابة 43 بلدة، وتواضع التنافس في حوالي 100 بلدة (مرشحون منفردون في مواجهة اللوائح المشتركة)، بينما انحصرت المنافسة القوية في 20 بلدة تقريبا، وبالتالي حيث وُجدت المنافسة الحقيقية وصلت نسبة التصويت الى 80 و76 و60 بالمئة.
ويعرب المقربون من دوائر الحزب عن اعتقادهم بأنه لولا حث السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري الناخبين على التصويت بكثافة، لكان معدل الاقتراع أقل، مشيرين الى أن أبناء الجنوب على اختلاف تلاوينهم أوصلوا، عبر حجم المشاركة وطبيعة التنافس، رسالة متعددة الابعاد وهي:
ـ ان التحالف الإستراتيجي بين الحزب والحركة ثابت ومتين كما دلَّ الالتزام الواسع من قبل المحازبين والمناصرين باللوائح المشتركة.
ـ ان خيار المقاومة يشكل القاسم المشترك بين داعمي الثنائي الشيعي ومنافسيهم على حد سواء، وأن من يختلف مع الحزب او الحركة على مسائل انمائية وتكتيكية، يلتقي معهما حول مبدأ المقاومة، وكل شيء تحت هذا السقف قابل للنقاش والتنافس الديموقراطي.
ـ ان الجنوب ليس منطقة مقفلة او شمولية كما كان يصورها خصوم الحزب والحركة، والدليل على ذلك ان اللوائح المشتركة لم تكن فوقية، وأن مساحة التنافس كانت أوسع من مساحة التزكية في البلدات المحسوبة على الثنائي الشيعي، وأن ايا من طرفي هذا الثنائي لم يتدخل في خصوصية ان الانتخابات التي جرت في المناطق المسيحية والسنية والدرزية، الواقعة ضمن البيئة الشيعية الأوسع، وأن الماكينات الانتخابية لخصوم الحزب والحركة عملت بحرية.
ـ ان الحماسة للمشاركة لم تكن فقط على مستوى التصويت وإنما أيضا على مستوى الترشيح، وهذا يدل على حيوية في البيئة الجنوبية التي أثبتت انها قادرة على التوفيق بين مقتضيات الجهوزية في مواجهة العدو الاسرائيلي وبين متطلبات الحراك الديموقراطي تحت سقف التطوير الإنمائي والبلدي.