IMLebanon

«حزب الله» يسجل ملاحظاته على اداء الآخرين.. ويتجاهل مآخذهم؟!

يعزو «حزب الله» سبب «المشكلة» (المشاكل) في لبنان الى ما يسميه «اختلاف الاولويات بين فريق وفريق» والجميع عنده في قفص الاتهام الى ان يثبت العكس، وهو أمر مستحيل.. حيث ان هناك «فريقاً اولوياته الاتصالات»، وفريقاً اولوياته «الاشغال»، و«البعض أولوياته الشركات»، وجميع هذه «الاولويات» كما كثير غيرها، تدر موارد وارباحاً مالية تفوق الوصف، وتوفر لاصحابها باب الولوج الى مواقع القرار والتأثير.. من دون ان يعير هؤلاء أي أهمية لأي قضية أخرى من بينها «قضية لبنان وأمنه والدفاع عنه» وهي النقطة الجوهرية التي يتمسك بها الحزب لتبرير كيانه العسكري والأمني وادائه في غير ساحة مع الساحة اللبنانية..؟!.

أولويات الحزب على ما يظهر على ألسنة قياداته، في مكان آخر، وهم يتساءلون «أين استقلال لبنان الحقيقي عن ارادات القوى الاقليمية والدولية.. وأين قضية فلسطين..»؟!

الواضح، ان الحزب في واد، والآخرون في وادٍ آخر.. وهو من باب تبسيط الأشياء اندفع الى هذه المعادلات، غير آبه بمآخذ الافرقاء الآخرين عليه وعلى ادائه الذي تجاوز في رأيهم، حدود الكيان والاستقلال الحقيقي.. وبات لاعباً في المحيط الاقليمي الذي يشهد حروباً وحرائق داخلية غير مسبوقة، لن يبقى لبنان بالتأكيد بعيداً عنها..

وبصرف النظر عن نظرية الحزب في «الهجوم الاستباقي» التي وفرت له حجة المشاركة العسكرية في غير موقع خارج لبنان، حفاظاً على أمن لبنان واستقراره، فإن هذه «الحجة» لم تدع الحزب بعيداً عن مرمى سهام الآخرين الذين يأخذون عليه تفرده في مغامرة زج لبنان في معارك وحروب خلافاً لقناعة عديدين وآرائهم..».

اللافت، أنه، وإذ يتقاطع كثيرون مع أحقية التساؤل حول «الاستقلال الحقيقي عن ارادات القوى الاقليمية والدولية..» فإن هؤلاء يأخذون عليه أيضاً «بالجملة والمفرق» أنه أحد أبرز اضلاع المحور الايراني – السوري في المنطقة، وأنه بات «دولة ضمن دولة»، بل «دولة أقوى من الدولة» المركزية المفترض ان يكون الجميع تحت سقفها، متخطياً كل الضوابط والحدود والاعراف والتقاليد، وتحديداً ما يتعلق بقرارات «السلم والحرب»؟!

حقيقة الواقع في لبنان، أنه، ومنذ ما قبل «الاستقلال» وما بعده، لم يسجل لبنان – دولة، وكيانا وافرقاء سياسيين، أنهم خارج الاصطفافات الدولية والاقليمية.. والتاريخ يشهد ان الحروب الداخلية التي شهدتها الساحة اللبنانية، لم تكن في حقيقتها أقل من تصفية حسابات خارجية، او تعزيز قدرات للامساك بورقة لبنان في المحافل الدولية وفي لعبة «صراع الأمم» والنفوذ.. وهكذا، لا يستطيع أي فريق من الافرقاء، ان يبرئ نفسه ويغسل يديه، وقد كانت القضية  الفلسطينية عنوان صراع دموي داخلي لسنوات بين محوري «الانعزال» و«العروبة».

بعد «اتفاق الطائف» حصلت خلطة جديدة.. وخروج السلاح الفلسطيني (بنسبة او بأخرى) استعيض عنه بسلاح «المقاومة» (المقاومات) الذي أعيد تسليمه الى دولة باستثناء سلاح واحد، حظي بمباركة نافذين من الخارج، هو سلاح «حزب الله» الذي أخذ على عاتقه مهمة التحرير، فكان أكبر انجاز يتحقق من دون ان يضطر لبنان الى توقيع أي اتفاق مع العدو الاسرائيلي في العام 2000، خلافاً لما حصل مع سائر الدول العربية..

مع التطورات الاقليمية، ومن بينها «الثورة الاسلامية» في ايران، وشيوع نظرية «تصدير الثورة»، حصلت ارباكات بالغة الخطورة، تمثلت بالحرب العراقية – الايرانية لسنوات، ومع شيوع كذبة (الربيع العربي»، سقطت معادلة س.س. (السعودية – سوريا) التي شكلت حضانة ايجابية بالغة الأهمية بالنسبة الى لبنان، وحلّت محورية ثنائية جديدة، ايران من جهة، والسعودية في المقابل، وهما محوران غير متصالحين بدليل ما يجري من صراعات دامية في المحيط الاقليمي، ابتداءً من اليمن وصولاً الى سوريا، مروراً بالعراق، وغير منطقة..

لم تنجح كل المساعي على خط التقريب بين الرياض وطهران.. وسياسة «فائض القوة» التي اعتمدتها ايران، والمضي في سياسة التدخل في صلب الشؤون الداخلية لغير دولة، وفرت سبباً إضافياً لتعميق عدم الثقة وزيادة الشكوك.. فكانت حروب بالواسطة، لم يكن «حزب الله» أحد أبرز المكونات اللبنانية في محور ايران، بعيداً عنها، وان بعناوين لم تقنع خصومه، على ما ظهر في كلام رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة قبل أيام في الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد (الوزير السابق) محمد شطح..

اللافت ان «حزب الله»، وإذ يأخذ على المحورية الجديدة تجاهلها قضية فلسطين، فإن عديدين يتساءلون عن دور المحور الذي ينتمي اليه في هذه القضية، وقد خسرت ايران علاقتها مع «حماس» في غزة، تماماً كما لم تقم أي علاقة جادة مع «السلطة الفلسطينية».. التي يرأسها محمود عباس (ابو مازن)، بصرف النظر عن الأسباب؟!

من حق قيادات في «حزب الله» ان تسأل «أين قضية فلسطين»؟ و«أين الاستقلال الحقيقي»؟ لكن قد يكون من المبالغة رمي المسؤولية على فريق وتبرئة آخرين، والكل شريك في اللعبة، بحسب موقعه وامكاناته وسعة نفوذه؟! والدليل ما يحصل في لبنان، الذي لا ينكر عديدون دور الحزب في تعطيل انجاز الاستحقاق الرئاسي، لتمسكه «الاخلاقي» و«الادبي» بالجنرال ميشال عون، مرشحاً لرئاسة الجمهورية، والجميع بات على قناعة كافية، بأن لا خطوط لرجل الرابية، كما لا خطوط لمنافسة رجل معراب (سمير جعجع) في الوصول الى قصر بعبدا.. قافزاً من فوق «المبادرة التي سمت النائب سليمان فرنجية مرشحاً، وحظي بحضانة من الصرح البطريركي لم تدم طويلاً ولم يجد الحزب سوى ان يقدم التبريرات الاخلاقية أمام البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، حيث زاره وفد من قيادة الحزب يوم أمس..».