«حزب الله» يخفّف من وتيرة دعواته لمحاربة «داعش» بعد إستبعاد إيران عن تركيبة التحالف
إنضمام روسيا للتحالف يؤشّر لسحب الغطاء المتبقي لإستمرار نظام الأسد في سوريا
أسباب جوهرية لتراجع «حزب الله» عن مواقفه الداعية لحشد القوى المحاربة لـ «داعش»؟!
لوحظ أن وتيرة مواقف وتصريحات «حزب الله» الداعية لحشد القوى على اختلافها لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي تراجعت نسبياً في الأيام الأخيرة بعدما طغت على ما عداها من مسائل ومشاكل داخلية وخارجية مهمة، واستبدلت حالياً بمواقف ملتبسة تنتقد التحركات والجهود الدولية المتواصلة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة التنظيم المذكور وتشكك باحتمال نجاحها في تحقيق الأهداف المرسومة لها.
ولعلّ هناك أكثر من سبب جوهري لتراجع الحزب عن مواقفه بهذا الخصوص، أولها يعود الى قيام الإدارة الأميركية عمداً لاستبعاد إيران الدولة الراعية للحزب بالدعم السياسي والمالي والتسليحي عن تحالف الدول العربية والإقليمية والدولية المشكّل لهذه المهمة، برغم مجاورة حدودها مباشرة لأخطار وجود «داعش» وقربها لمسرح العمليات العسكرية أو لتأثيرها ونفوذها الأمني والسياسي إن كان بالعراق أو سوريا على حدّ سواء، وذلك يبدو لاستمرار انعدام الثقة بين التحالف وإيران وعدم تصديق ادعاءات المسؤولين الإيرانيين تحولهم من ممارسات وسياسة دعم الارهاب في العديد من دول المنطقة والعالم، الى سياسة مكافحة الارهاب، لرفض العديد من الدول العربية هذا الانضمام الملتبس بفعل انغماس النظام الايراني بدعم الارهاب المنظم واثارة الصراعات والفتن السياسية والمذهبية في اكثر من دولة عربية بشكل ظاهري ومكشوف حتى اليوم.
اما السبب الثاني، فهو فشل كل محاولات الحزب لاقتناص الفرصة المطروحة من خلال انشاء حلف مواجهة الارهاب، لتبديل النظرة المحلية والدولية السائدة عنه من حزب ارهابي استناداً الى ارتكاباته وممارساته بالداخل اللبناني خلال السنوات الماضية، إن كان بترهيب خصومه السياسيين بقوة السلاح والتهديد وحماية المشتبه فيهم بارتكاب العديد من جرائم القتل والاغتيال، او الانغماس بقوة في محاربة ابناء الشعب السوري بايعاز ايراني لمنع سقوط نظام الاسد خلال السنتين الماضيتين، وغيرها من الاتهامات المساقة ضد الحزب بالخارج، الى حزب مكافح للتنظيمات والحركات الارهابية في سوريا او على الحدود مع لبنان خلافاً للواقع والحقيقة، الامر الذي يعني بقاء النظرة السائدة عنه حالياً كما هي من دون تغيير.
في حين ان السبب الثالث والذي لا يقل اهمية عن السببين السابقين، وهو رفض التحالف المنشأ لمكافحة تنظيم «داعش» الارهابي، كل محاولات استدراج العروض التي قدمها النظام السوري مباشرة عبر وسائل الاعلام مستجدياً الدول المعنية ولا سيما منها الولايات المتحدة، لتصوير حربه التدميرية وقتله لابناء الشعب السوري وتهجيره بمئات الآلاف من بلدهم وكأنها حرب ضد «الارهاب» خلافاً للواقع وذلك لتبييض صورته الكالحة السواد والدموية والسعي بكل قواه لاعادة ما يمكن تعويمه من نظامه المتهاوي من جديد او اعتماد وسيلة معاودة فتح قنوات التنسيق مع الحكومة اللبنانية بالقضايا الامنية والعسكرية من جديد لايهام التحالف المذكور والغرب عموماً باستمرار قدرته وتحكمه بمفاصل عملية مكافحة الارهاب كما كان يفعل قبل انتفاضة الشعب السوري ضده.
هذه الأسباب الثلاثة اعتبرها الحزب مؤشراً واضحاً على إغلاق أبواب الانفتاح تجاهه وتجاه حلفائه وداعميه من قبل تحالف الدول المنشأ لمكافحة الإرهاب وعلى بدء مرحلة جديدة تحمل في طياتها عدم وجود تقبل لتكرار اعتماد أسس مكافحة الإرهاب السابقة بالتحالف المباشر أو المستتر مع كل من طهران ودمشق كما كان يحصل من قبل مقابل التغاضي عن تدخلاتهما وممارساتهما في التحكم والهيمنة على شؤون ومقدرات العديد من الدول العربية المجاورة.
وما زاد الطين بلة انخراط روسيا بشكل مفاجئ في اجتماعات تشكيل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الارهابي من خلال مشاركتها في مؤتمر باريس يوم أمس برغم ملاحظات وزير خارجيتها واعتراضاتها على قيام مثل هذا التحالف وخططه الموضوعة، الأمر الذي يؤشر في مضمونه إلى قيام إجماع دولي لهذه العملية وغطاء كامل للخطط والتحركات العسكرية بمعزل عن استصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص كما كان يحصل في حالات سابقة. كما يظهر أيضاً عدم وجود رغبة روسية لتشكيل أي كتلة اعتراضية بالاشتراك مع ايران المتحفظة على التحالف او دمشق الباقية خارجه.
ولا شك أن هذا الإجماع الدولي بتركيبته الحالية، لا يبعث على الارتياح في نفوس «حزب الله» وحلفائه، لأنه يحمل في طيّاته مؤشرات وتغطية للتحرك العسكري في كل من العراق وسوريا معاً، لأنه يستحيل القضاء على تنظيم «داعش» في مكان تواجده بالعراق من دون شموله الأراضي السورية كافة، وهذا يعني عدم استمرار الواقع العسكري القائم واحتمال تغييره أصبح مطروحاً، وبالتالي لن يستثني بقاء الأسد مع نظامه.