بعد استماتته في الدفاع عن الجماعات الحوثية في اليمن وتصويب اعلامه وتركيز هجومه على الدور الذي تقوم به السعودية لإبعاد شبح الإرهاب عن حدودها وأمنها، جاءت زيارة وفد من جماعة الحوثي امس الاول للضاحية الجنوبية ولقائه الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بحضور قياديين عسكريين وأمنيين من الحزب، لتفضح هذه العلاقة وهذا الترابط بين الجهتين ولتكشف عن حجم تورط الحزب في الأزمة اليمنية وتسعير نارها المذهبية خدمة للمشروع الإيراني.
منذ بدء أحداث اليمن لم يوفّر «حزب الله» دعماً إلا ووفره للحوثيين، إمّا عن طريق الإعلام أو المال أو حتّى السلاح إضافة إلى التدريب العسكري، وقد حُكي يومها عن سقوط عنصرين على الأقل من الحزب في اليمن لكن من دون ان تؤكد قيادته هذا الامر، حتى خرج من داخل بيئته من يقول انه شيّع هؤلاء العناصر على انهم سقطوا في سوريا خلال تأديتهم «الواجب الجهادي». واليوم يستمر هذا الدعم بكافة أشكاله ووصل الى حد اللقاءات المباشرة داخل دويلة الحزب لأخذ النصح من «مرشدها» المحلي ووضعه في آخر تطورات الحرب، خصوصاً في ظل خسارتهم «باب المندب»، والجميع يعرف اهميته الاستراتيجية والعسكرية، وطلب المزيد من المساعدات المختلفة والمتنوعة الأشكال.
إلى جانب سرقته قرار الدولة وتعطيله مؤسساتها ومنعه إنتخاب رئيس جمهورية وتفرده بقرارات الحرب والسلم وآخرها ذهابه الى الحرب في سوريا من دون مشورة شركائه في الوطن ولا حتى حلفائه واخضاعه مناطق بحالها لوصايته والحاقها بدويلته الخاصة، قفز «حزب الله» أمس للمرة الألف فوق كل الاعتبارات والسيادة الوطنية، وتخطّى صلاحيات الدولة والأصول المرعية من خلال استقباله وفودا مصنفة دولياً ضمن الإرهاب، علماً انها ليست المرّة الأولى التي يضرب الحزب بهذه السيادة عرض الحائط، إذ سبق له أن استقبل في دويلته مطلوبين من بلاد عدة مثل العراق وغيره، واخفى في داخلها متهمين باغتيالات وسمح بدفنهم ضمن مناطقه من دون العودة الى الدولة، وهو ما يذكر بحركة «طالبان» التي سارت على الطريق نفسه قبل سنوات ومنعت تحقيق العدالة الدولية وبالتالي أوصلت بلادها والمنطقة إلى ما هي عليه اليوم من تشرذم وقتل وخراب.
غريبة هي طريقة تعاطي «حزب الله« مع أزمة اليمن وبكائه على الشعب اليمني في وقت يُمعن في قتل الشعب السوري أطفالا ونساء وعجائز ويخرجه من أرضه ويحتل منازله وأرزاقه بعد أن يضعها في مصاف «غنائم حرب» في محاولة لتبرير إعتداءاته، وليؤكد مجدداً تحوّله إلى أداة إيرانية ينساق وفق أجندتها في مغامراته ونزواته السياسية والعسكرية، فمرّة يُستعمل في جنوب لبنان وفلسطين ومرّات في البحرين والعراق وسوريا وصولاً إلى اليمن الذي يبدو أن قرارا قد صدر يقضي بتحويله إلى أرض مشتعلة يمكن أن يركن اليها الإيراني مستقبلاً لإستعمالها ورقة ضغط وتفاوض كما حصل سابقاً في لبنان وما يحصل اليوم في سوريا.
سرعان ما عملت إيران من خلال «حزب الله»، على تحويل الحركة «الحوثية» إلى منظمة سياسية عسكرية مذهبية إرهابية مستعيدة تجربة الحزب في لبنان من خلال عملها على تكريس المحاصصة الطائفية وسعيها الى قلب النظام السياسي في البلد بطلب إيراني ودعم لا محدود، فتحولت الحركة إلى تنظيم ديني يجمع بين الإنتماء المذهبي والطائفي والعقائدي من جهة، وبين المشروع السياسي والأدوات التنظيمية والعسكرية من جهة أخرى وتحت أيديولوجية واحدة تستمد مشروعها من حكايا التاريخ المستوردة وتؤسس لمنظومة مستقبلية تحت عباءة «الولي الفقيه».
حتّى الساعة لم يُعلن «حزب الله» تدخله بشكل علني في اليمن رغم مرور ما يقارب العام على إنقلاب الحوثيين على الشرعية، ومن يعود بالذاكرة يُمكن ان يتأكد له أن الحزب لم يُعلن عن تدخله في الحرب السوريّة إلى جانب نظام الأسد إلا بعد مرور عامين تقريباً تحت حجّة حماية «المراقد»، ولكن سرعان ما اتخذ هذا التدخل بعدا دمويا بعدما أغرق نفسه في وحول حرب ارتدت على لبنان قتلاً وتفجيراً وجرّت عليه الويلات منها شبح السيارات المفخخة والمتنقلة والتي حصدت ارواح ابرياء في وقت كان يكتفي فيه الحزب بتثبيت وجود مربعاته ورفع متاريسه وإيفاد مبعوثين وممثلين لتقديم واجب العزاء بالضحايا.