IMLebanon

ردّ “حزب الله” استبق إطلالة زعيمه الانعكاسات السلبية تصيب الحكومة والأفرقاء

لم تكن مصادر سياسية مراقبة تتوقع ان يطل الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اعلاميا غدا الجمعة من اجل ان يعلن او يعد جمهوره بانه سينتقم للعناصر الذين استهدفتهم اسرائيل في القنيطرة السورية قبل اسبوعين، بل ان يعلن انه بدأ الرد على العملية الاسرائيلية وانه سيستكمل في الفترة المقبلة نظرا الى الوقع السلبي لوعود اطلقها حول الانتقام للقائد العسكري عماد مغنية قبل اعوام ولم يضعها موضع التنفيذ وبرزت تعليقات في شأنها بعد اغتيال مغنيه الابن. وتاليا فهو لن يتعهد او يطلق وعودا يمكن ان تنفذ او تترك للتوقيت المناسب بل هو سينطلق من امر واقع رسم خطوطه انطلاقا من عملية عسكرية استهدفت دورية عسكرية اسرائيلية. الامر الذي يجعل الخطوة اللاحقة عملية امنية تقول المصادر وفق المعطيات التي تملكها انها ستستكمل العمل او الرد العسكري وستكون عملية قوية وبمثابة رد ولو متأخر على اغتيال مغنيه الاب، بمعنى ان الرد محتوم بحسب هذه المصادر.

والرد من جهة اخرى يدحض وفق هذه المصادر كل النظريات حول عدم قدرة ايران في التوقيت الحساس للمفاوضات التي تجريها مع الدول الخمس الكبرى زائد المانيا حول ملفها النووي على اتاحة المجال امام الحزب للرد على عملية القنيطرة بحيث توجه العملية التي تبناها الحزب رسالة مفادها ان ايران متحررة من التزامات بهذا المعنى وهي ستفسح المجال امام رد لن يكون ردا بسيطا بل ردا قويا. كما يدحض واقع رفض الربط بين الجنوب والجولان فيؤكد ربط الحزب ومعه ايران لهما استنادا الى ان رده اتى من الجنوب اللبناني على العملية الاسرائيلية بما يعنيه من انه لم يعد يفصل بين الجبهتين ما يعمق ازمة ارتباط لبنان بسوريا وانعكاسات ازمتها الداخلية وعلى الحدود مع اسرائيل عليه مباشرة.

في المقابل بدت هذه المصادر مقللة من قدرة اسرائيل او رغبتها في الرد على استهداف دورية لها انطلاقا من ان العملية التي تبناها الحزب تبقى بحسب هذه المصادر تحت سقف عدم اعطاء الذريعة المناسبة لإسرائيل من اجل ان تجر لبنان الى حرب على غرار حرب صيف 2006، ولو ان هناك آراء سياسية اخرى تفيد بان ثمة لعبا بالنار عشية التحضير للانتخابات الاسرائيلية ومخاطرة كبيرة من حيث التوقيت انطلاقا من ان الحزب قد يخطئ الحسابات ايضا فيساهم بدفع لبنان الى حرب جديدة ليس واضحا ان كل المعنيين بها قد لا يريدون حصولها لاعتبارات مختلفة. كما ان الحزب بات يخاطر بلبنان ومصالحه اكثر فاكثر لمصلحة الدفاع عن النفوذ الايراني وامتداداته في سوريا ما يمكن ان يزج لبنان بمشكلات اكبر على صعيد الوضع السياسي الداخلي الهش بما لا يستقيم معه اي حوار للمعالجة او للتخفيف من التشنج المذهبي والطائفي.

الا ان التوقيت يبدو وفق المصادر مرتبط بعاملين مباشرين احدهما الصورة المباشرة للسيد نصرالله وشخصيته كما صدقية الحزب التي نالها اذى معنوي كبير من العملية الاسرائيلية خصوصا انها تلت بيومين فقط مواقف اطلقها الامين العام نافيا اي وجود للحزب في الجولان كما هدد بالرد على عمليات اسرائيلية سابقة استهدفت سوريا فكانت العملية على القنيطرة تحديا مباشرا لا يستطيع تأجيله. والعامل الآخر هو ان عدم الرد سيترك لاسرائيل ورئيس حكومتها تسجيل نقاط لمصلحتهما على عتبة الانتخابات المقبلة خصوصا اذا بقيت عملية القنيطرة من دون عقاب او رد انتقامي. اما عن التوقيت فمن المؤكد ان يكون خضع وفق هذه المصادر غير البعيدة من اجواء الحزب لتقويم دقيق انطلاقا من ان الحزب يمتلك كما اسرائيل بنكا للاهداف التي يلجأ اليها انما بعد اختيار التوقيت والهدف. اذ انه بعد عملية اغتيال مغنية الاب كان في متناول الحزب ان يستهدف احد الوزراء الاسرائيليين لكن اعتبارات سياسية وغير سياسية حتمت عدم التنفيذ. ومع ان التقويم للعملية الاسرائيلية التي استهدفت عناصر من الحزب ومسؤولا عسكريا ايرانيا كبيرا ارسى اقتناعا بان اسرائيل لم تكن تعلم بوجود القائد الايراني من ضمن القافلة التي استهدفتها كما لم تكن على علم بوجود نجل عماد مغنية ايضا بين عناصرها، فانه لا يخفى على اسرائيل ان “حزب الله” موجود في الجولان السوري منذ ما يزيد على عام حتى الآن مدعوما من وحدات خاصة من الجيش السوري وارسى واقعا يشبه الى حد بعيد ما ارساه في جنوب لبنان وفق ما تقول هذه المصادر. كما ان ايران ليست في وارد التراجع في ضوء العملية العسكرية الاسرائيلية في القنيطرة عن مساحة استراتيجية باتت تمتد اليها وتعتبرها مجالا حيويا لها مكملا لوجودها في جنوب لبنان عبر الحزب وفي غزة عبر دعمها التنظيمات الفلسطينية المختلفة علما انها لم تجد رد فعل دوليا او اميركيا ملموسا من واقع تطويقها اسرائيل على هذا الاساس.

الا انه وبغض النظر عن الحسابات التي تجعل الحزب مطمئنا الى ان عمليته ستكون “نظيفة” من دون انعكاسات سلبية كبيرة على لبنان او ان التدخلات الدولية ستحول دون الدفع في هذا الاتجاه، فان الانعكاسات السلبية الكبيرة هي على الحكومة اللبنانية وعلى الافرقاء السياسيين الذين لا يملكون التأثير في حسابات الحزب او قراراته على رغم الضغوط الاعلامية والسياسية التي مارسها هؤلاء بوجوب عدم المخاطرة بالرد من لبنان على عملية حصلت على الارض السورية على الاقل وفتح باب الاحتمالات عليه من دون جدوى.