IMLebanon

«حزب الله» يشترط تلبية مطالب عون لتسهيل حل مشكلة عمل الحكومة

«حزب الله» يشترط تلبية مطالب عون لتسهيل حل مشكلة عمل الحكومة

تعطيل خطّة النفايات متعمَّد لابتزاز الحكومة ووضع اللبنانيِّين أمام الأمر الواقع

ما يحصل حالياً، لا يمكن فصله عن مسار تعطيل الدولة اللبنانية ككل بالتفاهم والتنسيق بين «حزب الله» و«التيار الوطني»..

لم يكن تعطيل الخطة التي أقرتها الحكومة مؤخراً بعد جهد جهيد لمعالجة مشكلة النفايات التي باتت تقضّ مضاجع اللبنانيين من دون استثناء هكذا وبالصدفة من تلقاء أنفسهم، بل كان التحرّك الاعتراضي الرافض لهذه الخطة لمجموعات من المواطنين في أكثر من منطقة منظماً وبتحريض وإيعاز مفضوح من أطراف وجهات سياسية تدور في معظمها في فلك «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وفي إطار سياسة التعطيل المتعمّد لعمل الحكومة وعرقلة تنفيذ قراراتها المتخذة لممارسة أقصى الضغوط اللازمة على مكوناتها السياسية الرافضة الموافقة على تلبية مطالب رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون وبالأخص منها حالياً إبقاء صهره العميد شامل روكز في موقع مهم في قيادة الجيش اللبناني قبل حلول موعد إحالته على التقاعد من المؤسسة العسكرية بأسابيع قليلة بعدما تعذّر تنفيذ العديد من الاقتراحات المطروحة لهذه المسألة لتعارضها مع القوانين المعمول بها وتأثيراتها السلبية على تركيبة المؤسسة العسكرية وعملها وفاعليتها.

ويبدو أن سياسة التعطيل المعتمدة ضد مسيرة العمل الحكومي تحت هذا العنوان متواصلة انطلاقاً من التحالف القائم بين التيار والحزب، وقد قالها أكثر من قيادي ومسؤول في الحزب علانية بشكل مباشر لمعارضي هذا المطلب وفي أكثر من مناسبة وأمام وسائل الإعلام وكان آخرهم بالأمس ما قاله نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي أكد «أن المسار الطبيعي لحل مشكلة عمل الحكومة هو معالجة سبب المشكلة وهو التعيينات العسكرية»، لافتاً إلى «أن هذا الأمر يتم من خلال إجراء تعديلات قانونية»، إلا أن الشيخ قاسم الذي تجاهل كلياً موقف حزبه بالتغاضي عن قرار التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي لفترة إضافية خلافاً لموقف النائب ميشال عون ولم يتخذ أي موقف لعرقلة هذا القرار، يستسهل دعوة الآخرين من خصومه السياسيين في الحكومة للتجاوب مع هذا المطلب كشرط مسبق لإعادة تسهيل عمل الحكومة لاسترضائه ولو مؤقتاً في إطار الحفاظ على التحالف القائم بينهما، ولكنه يعرف تماماً باستحالة تلبية هذا المطلب في ظل الانقسام السياسي القائم ورفض الأكثرية التجاوب معه ولأن حل مشكلة عمل الحكومة ليس مقتصراً على حل مطلب عون بهذا الخصوص، بل هناك مطلب آخر يتذرع به وزيرا التيار العوني في الحكومة بالتضامن مع وزيري الحزب وهو آلية عمل مجلس الوزراء كما هو معلوم للقاصي والداني وعلى أساسها تمّ تعطيل جلسات الحكومة منذ البداية لاعتراضهم على الالتزام بالآلية المنصوص عليها بالدستور ومحاولتهم فرض آلية بديلة وتكريس اعراف مخالفة للدستور تحت شعار المحافظة على صلاحيات رئيس الجمهورية زوراً وبهتاناً.

ولذلك، فان التجاوب مع مطلب النائب ميشال عون للاحتفاظ بموقع ما لصهره في قيادة الجيش مفصلاً على قياسه الخاص كشرط لحل مشكلة عمل الحكومة كما يدعي الشيخ قاسم، لا يبدو انه يصب في خانة تذليل العقبات امام تسهيل عمل الحكومة السلامية، بل يُشكّل محاولة مكشوفة لابتزاز الأطراف المعارضين لمطلب عون ولإلقاء مسؤولية التعطيل الحكومي عليهم خلافاً للواقع والسعي لإبقاء الحكومة مشلولة ومطوقة بهذا المطلب غير الاعتيادي وهي غير قادرة على الاستقالة باعتبارها المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال تعمل بالحد الأدنى وقائمة في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية واستمرار تعطيل مجلس النواب.

فالتجاوب مع مطلب عون تحت أي صيغة من صيغ الحلول المطروحة سابقاً لن يؤدي إلى حل مشكلة الحكومة خلافاً لكل ما يقال بهذا الخصوص، لأن تنفيذ هذا المطلب المستبعد في الوقت الحاضر والذي قد يكون متعذراً لاعتبارات عديدة غير سياسية، سيجر لطرح مطالب تعجيزية أخرى مدرجة على لائحة المطالب العونية وفي مقدمتها مسألة الاتفاق على آلية عمل مجلس الوزراء في ضوء الخلاف الحاصل حول هذه المسألة.

وما يحصل حالياً لا يمكن فصله عن مسار تعطيل الدولة اللبنانية ككل بالتفاهم والتنسيق بين «حزب الله» و«التيار الوطني» والذي انطلق بالأساس من خلال التعطيل المتعمد لانتخابات رئاسة الجمهورية منذ اكثر من سنة ولا يزال مستمراً حتى اليوم لاعتبارات وظروف إقليمية لها علاقة مباشرة بالطموحات والمصالح الإيرانية في الدول العربية المجاورة، وما قول الشيخ نعيم قاسم بأن «الحلول السياسية في المنطقة غير ميسّرة حالياً»، إلا دليلاً إضافياً على أن تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وعرقلة عمل الحكومة الحالية إنما يتم بقرار إيراني مباشر وهو مستمر لحين بلورة تفاهمات وحلول للمشاكل والأزمات والحروب القائمة وخصوصاً في سوريا، ولولا ذلك لما تمنّع «حزب الله» و«التيار الوطني» وحلفاؤهما عن حضور جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المتواصلة ومحاولتهم إلقاء مسؤولية التعطيل على خصومهم السياسيين خلافاً للواقع والحقيقة.

وفي انتظار ما ستؤول إليه التطورات في المنطقة التي تزداد تعقيداتها يوماً بعد يوم، يبدو أن اللبنانيين سيعانون كثيراً، ليس في حل مشكلة النفايات المتفاقمة فقط والتي أصبح تسهيل حلها مرتبطاً بالتجاوب مع مطالب النائب ميشال عون العائلية في الوقت الحاضر، بل سيواجهون أيضاً مشكلة تردي وضعية التيار الكهربائي التي يُعاني منها كل اللبنانيين بفعل الأداء السيّئ لوزير الطاقة السابق الصهر الثاني للنائب عون والمسؤول عن هدر مئات الملايين من الدولارات في هذا القطاع دون طائل طوال سنوات تسلمه لهذه الوزارة وما الى ما هنالك من مشاكل تتوالد نتيجة التعطيل المتعمّد ليس لانتخابات الرئاسة فقط وإنما لكل مؤسسات الدولة من دون استثناء.