بعيدا عن ارقام الصواريخ التي اطلقت والتي تم صدها، واضح ان المواجهة بدات تلامس حدود الحرب في ظل تغييرات في المعادلات، وسط فشل وانكفاء أميركيين، سمحا لرئيس الحكومة الاسرائيلية برسم طريق الحرب والمواجهة الكبرى.
لا شك ان الحزب درس بعناية ودقة اهداف هجومه الاولي، مصوبا نحو هدفين رمزيين معنيين بشكل اساسي بهجمات الايام السابقة الثلاثة، محبطا خطط نتانياهو في تغيير وزير الدفاع، لتسهيل تنفيذ مخططاته، مع رفض ساعر نتيجة التصعيد ودخوله مرحلة جديدة على الجبهة اللبنانية تولي وزارة الدفاع خلفا لغالنت، في ظل تبدل قواعد اللعبة وتغيرها باعتراف الجميع.
من هنا يمكن التوقف عند النقاط البارزة التالية، عند مراجعة عملية الحزب الانتقامية ابرزها:
-رد الحزب على خرق اسرائيل قواعد اللعبة باستهدافها المدنيين في الضاحية، دون المس بالمعادلات القائمة، الا انه وسع، من رقعة استهدافه الجغرافية، مركزا على القواعد العسكرية، المعنية مباشرة بالحرب،من جهة، ومن جهة اخرى نوعية السلاح والصواريخ، مستخدما الصواريخ المتوسطة المدى، “فادي١” وفادي٢” بشكل كثيف، انطلقت من قاعدة “عماد٤”، وقد ظهرت صور قاذفاتها في شريط “جبالنا خزائننا” الدعائي.
اشارة الى ان استخدام هذه الصواريخ وجه رسالة على جانب كبير من الاهمية، عند الاشارة الى ان تصنيعها جرى في سوريا.
-فوت الفرصة على تل ابيب، التي كانت جهزت لتصعيد كبير بدعم دولي، نتيجة استهداف الحزب لمدنيين في الداخل، وسقوط قتلى وجرحى، رغم اصرار الناطق باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي، ان الاستهداف تم لمدنيين، لا لقواعد عسكرية، لاهداف باتت معروفة.
-قصف موقعين معنيين مباشرة بالهجمات الاسرائيلية خلال الايام الاخيرة، والتي كان سبق للحزب ان استطلعها بدقة، يوم حلقت مسيرات الهدهد الاستطلاعية فوقها لساعات، مقابل اتخاذ الجيش الاسرائيلي تدابير احترازية عبر اخلاء بعض النقاط في تلك القواعد، وهي:
مجمّعات الصناعات العسكرية “رافاييل”، وهي منطقة صناعية عسكرية تتبع لشركة “رافاييل”، وتُعَدّ هذه المنطقة بالغة الحساسية والسرية، وتبلغ مساحتها الإجمالية 6.5 كلم2 وتبعد عن الحدود اللبنانية 24 كلم، وتضم عدداً كبيراً من المصانع والمخازن وحقول التجارب،من بينها الاجهزة الالكترونية، حيث تكشف المعلومات ان تجهيز وتركيب المتفجرات التي استخدمت في تفخيخ بطاريات اجهزة “البايدجرز” و “الايكون” للاتصالات اللاسلكية، جرى في مصانع “رافاييل”، كما انها صنعت الدارة الالكترونية المسؤولة عن تفعيل صاعق التفجير.
أمّا قاعدة “رامات دافيد”، فتعد من أهم القواعد التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، وهي القاعدة الجوية الوحيدة في الشمال، والرمز العسكري لها:” الجناح رقم1″، من حيث
تنطلق منها، الطائرات الحربية لاستهداف مناطق في لبنان وسوريا تحديداً، وتحتوي التشكيلات العضوية الشاغلة، 3 أسراب قتالية، وهي “الوادي 109″، و”المعركة الأولى 101″، و”العقرب 105″، وتضم طائرات “اف-١٥” و”اف-١٦” المتنوعة، كما تحوي هذه التشكيلات، سرب الاستخبارات البحري، “حماة الغرب 193″، و”سرب الحرب الإلكترونية 157″، الناشط فوق الاراضي اللبنانية.
-نجاح الحزب في استثمار واستخدام المعلومات الاستخباراتية التي وفرتها مسيرات الهدهد، ملحقا اصابات دقيقة بالاهداف.
-تاكيد الحزب بالفعل ما كان سبق واعلنه امينه العام السيد حسن نصرالله، قولا بان جبهة الاسناد لن تتوقف، رغم كل الضغوط على انواعها، وان حزب الله جاهز للذهاب حتى النهاية.
-نجاح حزب الله في تخطي الصدمة واحتواء تداعياتها، رغم تاكيدات المعنيين ان عمليات قصف حزب الله، لم تعط اي اشارات فيما خص قوة الرضوان، بقدر ما كانت مرتبطة بقدرة القوة الصاروخية للحزب على توجيه الضربات، في ظل التاكيدات الاسرائيلية اليومية عن تدمير عشرات المنصات يوميا.
اما النقطة الابرز، وفقا للمتابعين، والتي شكلت “مقتلا” لاسرائيل، هي في نجاح الحزب في قلب المعادلة، وتحريض بيئة المستوطنين ضد الحكومة، فضربة الساعات الماضية، نجحت في خلق ازمة اضافية على صعيد المستوطنين، وهي الورقة الاساسية الرابحة بيد حارة حريك منذ اليوم الاول لمعركة طوفان الاقصى.