IMLebanon

“في حال ثبوت ذلك”

 

 

توعد وزير التربية والتعليم اللبناني القاضي عباس الحلبي، بملاحقة مزوري شهادات دراسات عليا في لبنان لآلاف الطلاب العراقيين، “في حال ثبوت ذلك”.

 

أما عن السبيل إلى الملاحقة، فالحال ربما يتجاوز قدرات الوزير، ليتمكن من دفع القضاء المختص إما للتحقق من “ثبوت ذلك” أو ثبوت غيره.

 

الأمر غير مستغرب في لبنان. ومعاليه أكثر من يعرف أن مسألة المحاسبة والمساءلة دونها معايير راسخة وإستنسابية.

 

فالقضاء عندنا كان ولا يزال أسير معادلة “جريمة بسمنة وأخرى بزيت”، والمطالبة بالعدالة تكون غالباً صرخة في وادٍ، وتحديداً في “حال ثبوت” علاقة موضوعية وبديهية بين الجرائم المتعاقبة من دون عقاب وبين أجندة مصادري السيادة أو أزلام المنظومة الفاسدة.

 

ووفق هذه المعادلة، يبقى تسجيل الجرائم ضد “مجهولين معلومين” هو السائد عندما يتم إغتيال ضحية تعرقل مسيرة المحور الممانع بإتجاه تمكين أذرعه من الهيمنة ومصادرة السيادة اللبنانية.. وإلا مزيد من الإغتيالات والتفجيرات.

 

ولنا في ما تلا جريمة اغتيال رفيق الحريري البرهان.

 

كذلك، يعجز القضاء عن القيام بالواجب، عندما يرتكب الجريمة معلوم تصعب إدانته، ولا تُتَّخذ بحقه أي إجراءات، كما هو الحال في ملفات التهريب وتصدير الكبتاغون إلى حيث يجب، بمعزل عن “ثبوت ذلك”، وعندما يتعلق الأمر بالمجرمين المحميين من فاسدين متربعين على الكراسي..

 

وإلا لماذا لم يتم توقيف أحد أو إقفال الدكاكين الجامعية المعنية، أو البحث عن المقصرين حيال الواقع المقزز في جريمة الإهمال إلى حد التسبب بقتل مرضى مركز “مركز سانتا ماريا” لرعاية المسنين، أو عندما تؤدي الفوضى إلى تبديل طفلتين رضيعتين في مستشفى آخر.. أو في اغتصاب أطفال تحت غطاء كهنوتي، أو إفتعال حرائق تبيد ثروة حرجية لمصلحة كسارات كان قد صدر قرار بمنعها.. أو.. أو؟؟؟؟

 

والأهم، يجب الحؤول دون “ثبوت ذلك” الذي حصل في جريمة تفجير مرفأ بيروت، بعد خروج القاضي طارق البيطار عن واقع الحال في دهاليز العدالة الاستنسابية. وقد تتكاثر الأزمات التي تجعل صدور القرار الظني مستحيلاً.

 

ولمزيد من العرقلة، ربما يمكن قراءة انتقادات الممانعين ومسارعتهم إلى فبركة كل ما يدعم توجهاتهم وتخطيطاتهم، وتعميم “معلومات سرية” لا تنتمي إلى المعلومة بصلة. لعلها تشبه “تركيب المقلة” أكثر مما تشبه الأدلة الثابتة، فقط ليُخرِجوا الرواية المناسبة لمشروعهم.

 

أما لماذا يتم تسريب التحقيق السري إلى الصحافة الممانعة من دون غيرها، وفقط بما يخدم إستكمال رسم السيناريوات التي تصب في مصلحة أجندة المحور ومرتزقته؟؟

 

فالجواب قد لا يمت بصلة الى غيرة الممانعين على العدالة التي يستحقها أهالي الضحايا، ولكن، حتى لا يضل السيناريو المرسوم طريقه عن المأمول منه، ليؤدي إلى المقايضة المطلوبة.

 

وبعد فشل التوصل إلى معادلة طي غزوة عين الرمانة مقابل طي التحقيق في جريمة المرفأ، كان لا بد من بث شريط مقابلة وزير الإعلام جورج قرداحي وما تسبب به من أزمة مع الدول الخليجية.. حينها تمكن الممانعون من الضغط بقوة أكبر، وحينها نفهم ماهية الضمانات التي يطلبها القرداحي مقابل إستقالته.. والظاهر انها مطلوبة من الحكومة وليس من دول الخليج.. بالتالي قد يؤدي قبع البيطار إلى إستقالة قرداحي، وتعود طاولة مجلس الوزراء إلى لمِّ الشمل.

 

و”في حال حدوث ذلك” تصبح المقايضة أدسم، ويُطوى ملف الغزوة.. إلى حين الحاجة إليه لتسطير المزيد من الإنتصارات.