في اول خطوة نحو الاصلاح ومحاربة الفساد وانتظام المؤسسات، اقدم وزير الصحة على عمل جريء وحازم في قضية اقفال مستشفى الفنار للامراض العقلية في منطقة المصيلح ومحاسبة الفاسدين والمرتكبين في حق المرضى من نقص في الادوية وانعدام النظافة وسوء الامن الغذائي وانقطاع المياه. وهذه الخطوة كان الاطباء يطالبون بتنفيذها منذ عشر سنوات لان ما كان يحصل في هذا المستشفى كان معلوما ومتداولا بين الناس، الا ان الامور تركت على حالها لا بل تأزمت مع مرور الوقت دون مراقبة او تدقيق في احوال المستشفى.
اليوم، بدأ المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم التحقيق في هذه القضية وقد اوقفت صاحبة المستشفى سمر اللبان التي ورثت عن ابيها الطبيب هذا المستشفى، الا انها ليست طبيبة ولا تحمل شهادة الطب، وعليه، انحدر مستوى المستشفى وتحول الى مكان كابوسي ومهين للانسان ولكرامته. كان هذا المستشفى اشبه بسجن مخيف ووسخ، معظم غرفه لا ترى النور ولا وسائل للتدفئة، فيبقى المرضى في الظلام معظم الوقت وفي برد قارس في فصل الشتاء. اضف الى ذلك، ان مستشفى الفنار لا يديره الاطباء بل مسؤولون مثل مالكته سمر اللبان فيوزعون الادوية على المرضى دون اخذ بعين الاعتبار اختلاف حالاتهم النفسية والعقلية، وبالتالي، حاجة كل مريض الى علاج ودواء يختلف عن الآخر وبذلك لا يعالج المرضى بل تسيء حالتهم.
كل هذا الفساد الذي كان يحصل في مستشفى الفنار للامراض العقلية والنفسية اوقفه وزير الصحة جميل جبق وبدأ بمحاسبة كل المتورطين في هذا الفساد وهذا الاستهتار في المستشفى، سواء من مالكة المستشفى او مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزيف حلو ووضع الجميع امام مسؤولياتهم. بيد ان ما فعله الوزير وضع حداً لمعاناة المرضى الذين تعرضوا لشتى انواع الذل والاذى كما وجه رسالة مباشرة وغير مباشرة الى كل الفاسدين ان الدور آت وان لا احد فوق سقف القانون. هذا هو الاصلاح بحد ذاته وهكذا يحارب الفساد بعدم التغاضي عن الفاسدين والاناس الذين لا يعملون بضمير واخلاق وبمحاسبتهم وفتح التحقيقات لتظهر الحقيقة المجردة امام الناس.
والحال انه بمقدار ما احزنت الناس هذه الفضيحة لما ظهر من استهتار في صحة المرضى بمقدار ما افرحت الجميع ان محاربة الفساد اصبحت قولا وفعلا وهذا ما يطمئننا ان حزب الله اخذ المبادرة في تحقيق اول خطوة ناجحة على الصعيد الوزاري في مكافحة الفساد وادانته في بلد غارق بالفساد وعدم احترام القوانين وغياب الاجهزة الرقابية. عسى ان يحفز هذا العمل الذي قام به الوزير جبق باقي الوزراء والكتل النيابية والاحزاب على المضي قدما في قيام دولة المؤسسات.