إذا وضعنا خبر قناة “العربية – الحدث” وبيان “بيت الوسط” وبلاغ مديرية قوى الأمن الداخلي، سنخرج بنتيجة واحدة مسلّم بها وهي أن هناك انفجاراً قد حدث، ولا تزال تفاصيله وحيثياته غامضة بانتظار استكمال التحقيقات والخروج بنتائج تجيب على أسئلة اللبنانيين… فما حصل لا يمكن صرف الانتباه عنه على قاعدة “القضاء والقدر”، ما يطرح تحليلات وأسئلة عدة:
أولاً: اذا اعتبرنا أن ما حصل “مجرد صدفة”: انفجار في بقعة جغرافية على مقربة من مكان زاره الرئيس سعد الحريري.
وبالتالي الصدفة تُبعد نظرية الاستهداف أو نقل الرسائل، لكن ذلك لا يعني ابداً أنه لم يحصل الانفجار، ولا يعني أيضاً أن “الصُدف” لا يمكنها أن تتسبب بالأذى… فما الذي حصل ومن الفاعل؟
ثانياً: إذا اتجهنا إلى فرضية ثانية، تتناسب مع السوق الاعلامي الممانع، ان لاسرائيل علاقة بالانفجار، فهل هو ناتج عن صاروخ أطلقته طائرة اسرائيلية مسيّرة، ام هو أيضا خطأ اسرائيلي؟ ألا يرصد الجيش اللبناني الطائرات المسيّرة التي تدخل الأجواء اللبنانية وخط تحليقها والمناطق التي تسرح وتمرح فوقها؟ فحتى لو كان الخطأ اسرائيلياً ألا يحتم ذلك تسجيل بيانات تدين استهداف الاراضي اللبنانية؟ ولم نسجل أي بيان في هذا الاطار، لهذا المطلوب معرفة ما الذي حصل؟
ثالثاً: وهي الفرضية التي يريد أن يتهرّب الجميع من طرحها لما فيها من دلالات سياسية وأمنية خطيرة، فمن المعروف أن “حزب الله” حاضر في بقع جغرافية بقاعية عدة، كما أنه لا يخفي تطور ترسانته وبلوغه حد تصنيع طائرات مسيّرة أو حتى صواريخ مسيّرة. هي فرضية تربط الانفجار بعمل لـ”حزب الله”. فإذا كان العمل أيضاً من باب “الصدفة” فتنطبق عليه النظرية الأولى، وبالتالي على الحزب أن يوضح تفاصيل الخلل الذي أدى إلى هكذا انفجار، واذا كان ما حصل متعمّداً على قاعدة انه “ليس استهدافاً بل رسالة” فأيضاً وجب على “حزب الله” توضيح ما حصل وما الرسالة التي يريد أن ينقلها؟ هل هي رسالة إلى المجتمعين الدولي والعربي لما يمثل الحريري من موقع وثقة تجاه المجتمعَين؟ هل هي تشير إلى أن “حزب الله” مأزوم وجاهز لأي عمل مهما كان حجمه العسكري وثمنه على لبنان؟
الفرضيات كثيرة ولا يمكن تأكيد أي منها، فما حصل لا يمكن الاستخفاف به، ولا يمكن أن يمر مرور الكرام وكأن شيئاً لم يكن. وما بين خبر “العربية – الحدث” وبيان “بيت الوسط” وبلاغ القوى الأمنية هناك ما هو ناقص على الطاولة “الواقع” ليكتمل المشهد سواء بالنفي أو بالتوضيح أو التبليغ… أين بيان “حزب الله”؟