Site icon IMLebanon

«حزب الله» باقِ باقِ باقِ.. للموت في سوريا

بعد الإتفاق الروسي ـــــ التركي الملحوظ حول عملية وقف إطلاق النار في سوريا، ثمة من اعتبر أن هذا التقارب قد انعكس بشكل سلبي ومُفاجئ على وضع «حزب الله» في سوريا، وبأن الأخير قد وضع جدولاً زمنيّاً لانسحابه من المستنقع السوري، بعد ثلاث سنوات من تدخله في الحرب هناك. لكن، وبعيداً من عدم امتلاك الحزب لقرار كهذا، وبعيداً من الجدول الزمني المرسوم له لبقائه من قبل الإيراني في هذه الحرب، يُمكن القول إن الحزب باقٍ في سوريا ومعه سيبقى الموت يُلازم عناصره الذين يُفضّلون إبقاءهم بعيدين عن الاستهداف، كما هو حالهم اليوم ويتمنّون لو تكون عودتهم إلى أهاليهم في أقرب وقت مُمكن.

حتى الساعة، لا يزال «حزب الله» يعتبر نفسه في طليعة القوى التي حرّرت مدينة حلب من «الإرهاب» على الرغم من المشاهد والوقائع التي تؤكد ما تعرض له أهالي حلب من قتل وتنكيل وتشريد سواء على يد الحزب أو على يد النظام السوري، ولذلك يعتبر الحزب ان هذا «الإنجاز» لا يُمكن أن يُصرف أو أن يُترجم أو حتّى أن يُكافأ عليه، بإخراجه من مدينة حلب بمجرد توقيع اتفاق بين الروس والأتراك خصوصاً بعد هذا الكم الهائل من الخسائر في الأوراح الذي دفعه منذ بداية الحرب في سوريا والذي ناهز الألفي عنصر بالإضافة إلى جرح ما يُقارب الثلاثة آلاف مقاتل معظمهم من قوّات النخبة.

بالطبع، إن هذا الإصرار الذي يُبديه «حزب الله» لجهة تمسكه بالبقاء في سوريا وعدم وجود نيّة لديه بالخروج من هذه الأزمة وهذا ما يتأكد يوماً بعد يوم على لسان قادته، أزعج إلى حد كبير أهالي عناصره ووضعهم من جديد في دائرة الموت الذي يُلاحق أبناءهم، وهم الذين عوّلوا بعد «إنتصار» حلب على إخراج فلذات أكبادهم من مستنقع القتل مع الأمل بعودتهم سالمين إلى عائلاتهم وأهاليهم. وكل هذا يؤكد أن الحزب يرسم مشروعاً مستقبلياً لهؤلاء العناصر، قد يمضون من خلاله ما تبقّى لهم من عمر، خارج حدود وطنهم خصوصاً إذا ما قورنت هذه الخطط، بوقائع ميدانية من شأنها أن تُرسّخ وجود الحزب والحرس الثوري الإيراني والميليشيات المنضوية ضمنهما، في العمق السوري أو أقله ضمن القُرى الحدودية، من خلال الألوية المذهبية التي بدأ الحديث عن إنشائها يتظهّر إلى العلن، وتُحاكي الأسباب والتركيبة المذهبية التي منها نشأ «الحشد الشعبي» في العراق.

من المؤكد أن «حزب الله» لن يلتزم بأي قرار أو إتفاق ما لم تكن ايران طرفاً أساسياً فيه، وهناك العديد من الأمثلة التي جرت في السابق منها الإتفاقيات المُتعلقة بـ«الزبداني» و«الفوعا» و«كفريا» و«مضايا». ويُستحضر أيضاً رفضه لخطط «الممرّات الآمنة» التي كانت فرضتها روسيا، وذلك بعد لجوئه والنظام السوري إلى تعطيلها سواء في حلب مؤخراً، أو يوم سيطر النظام وحلفاؤه على طريق «الكاستيلو». واليوم يُمارس الحزب الأمر نفسه من خلال استهدافه المُتكرّر لبلدة وادي بردى والغوطة الشرقية، في محاولة منه لإستفزاز الفصائل المُسلحة بهدف قطع الطريق على إتفاقية وقف إطلاق النار.

وتأكيداً على عدم وجود قرار لدى «حزب الله» في ما خص الإنسحاب من سوريا أو عدمه، صرّح المستشار الأول للمرشد الإيراني علي خامنئي علي أكبر ولايتي، أنه «برغم اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، فإن حزب الله لن يخرج من هذا البلد»، معتبراً أن «خروج حزب الله من سوريا بعد اتفاق وقف إطلاق النار، دعاية الأعداء». وقد جاء رد ولايتي، بعد سؤال حول «تجاهل روسيا مصالح إيران في سوريا».

وبالعودة إلى بيئة «حزب الله» التي ما زالت تبحث عن نافذة أمل علّها تُعيد من خلالها أبناءها المتواجدين في سوريا قبل أن يخوض الحزب معركة جديدة تحت مُسمّى جديد، فان البعض من هؤلاء بدوا اكثر اقتناعاً من أي وقت مضى، أن مصير أولادهم وأقاربهم ليس بيد الحزب بل بيد إيران التي تمتلك قرار «حزب الله» وتوجّهه نحو المصير الذي يتماشى مع مصالحها. ومن هؤلاء أيضاً، من يعتقد أن مصير عناصر الحزب، أصبح أكثر وضوحاً بعدما أبلغت إيران عبر مسؤوليها، عدم وجود نيّة لسحب «حزب الله» من سوريا.