IMLebanon

«حزب الله» السائر على «جمر».. الخسائر

على مدى اليومين السابقين، شيّع «حزب الله» أكثر من عشرة عناصر كانوا سقطوا في سوريا وتحديداً، في مدينة «حلب»، في فترة لا تتجاوز العشرة أيّام، وقد أدخلت عمليات دفن العناصر كل في مسقط رأسه، جملة من التساؤلات في نفوس أهالي القتلى، حول نهاية هذا المصير الذي يواجهونه، والمصحوب بهواجس بأن يكون هناك المزيد من جثث الأبناء تنتظر موعد دفنها.

من بين العناصر الذين شيّعهم «حزب الله» خلال اليومين المنصرمين: ضاهر عبد الحق المصري من بلدة حورتعلا، حسين محمد غندور «ملاك» من بلدة زوطر الشرقية، عبّاس فيّاض نعمة «ساجد» من بلدة محرونة، عبد الإله عطيّة احمد من بلدة حام، محمد حكيم «ذو الفقار» من بلدة المنصوري ومحسن علي الموسوي من بلدة النبي شيت، لكن اللحظات الأصعب والأقسى والتي أدمت القلوب على رحيل شُبّان خلّفوا وراءهم عائلات وأبناء، تمثّلت في مشهد الطفلة الرضيعة سارة التي حُملت على الأيدي ووضعت على نعش والدها العنصر حسين علي حلاوي «أمير» ابن بلدة قعقعية الجسر. وكأن سياسة الموت تأبى أن تُفارق، حتّى يوميّات الأطفال.

الغرق في المستنقع السوري، يبقى الهاجس الأكبر الذي يُسيطر على «حزب الله» وقيادته وقادته في كل المراحل وهو بدأ ينعكس بشكل سلبي في نفوس مقاتليه بعدما أصبح الموت صفة يومية تلازمهم في حياتهم على الجبهات الغريبة، والسؤال عن جدوى تواجد هؤلاء في سوريا، لم يعد يُجدي نفعاً بالنسبة الى العناصر والقادة، فثمة من قطع الشك باليقين باستكمال «مسلسل» الموت، من خلال عبارته الشهيرة «مستعدون للتضحية بثلث الطائفة من أجل ان يعيش البقية بكرامة».. وما العناصر الذين تتوافد جثامينهم على التوالي من سوريا إلى مستشفيات الحزب في البقاع والضاحية والجنوب، سوى مؤشر واضح على أن قافلة السقوط مستمرة وأن الإنسياق وراء الأجندة الإيرانية مستمر هو الآخر من لبنان إلى سوريا واليمن فالعراق، والأغرب من هذا كلّه، أن شعار «يا قدس اننا قادمون»، ما زال يعتمده الحزب كشعار للمرحلة الحالية.

«انتصارات» حزب الله» الوهمية التي يُشيع أجواءها داخل بيئته، لم تعد تُجدي نفعاً ولم تعد تُفسح أيضاً الطريق أمام مناصريه لأخذهم حيث يُريد النظام الإيراني. انكسارات الحزب واضحة والخسائر لا يُمكن تعويضها بأي شكل من الأشكال خصوصاً وأن القيادي أو حتّى العنصر، الذي يسقط في سوريا، لا يُمكن تعويضه على الإطلاق في ظل الأزمات المتعددة التي يُعاني منها الحزب. وفي مقابل هذه الازمات، ثمة تبعات إقتصادية وإجتماعية وامنية وسياسيّة يُحمّلها «حزب الله» للبنانيين تحت مُسمّى الدفاع عن خط «الممانعة» و«المقاومة». وإذ يصح القول بأن لبنان كلّه دخل في أزمة من جرّاء ممارسات الحزب، لكن الأصح، هو أن «حزب الله» يتلطّى بطائفته في كل مرّة يتكشّف فيها ، أنه ليس سوى مُجرّد ورقة تفاوض بيد الإيراني، وان مصيره مرهون به لا بالخطابات و«العنتريّات» ولا حتّى بالمقاتلين والصواريخ ولا بمقولة «ما بعد بعد».

في الأيّام الاخيرة، بدأ يتكاثر عدد عناصر «حزب الله» الذين يسقطون بشكل مخيف. بعض عناصره يقولون بأن حلب «ليست نزهة»، وبأنها «مدينة الموت»، وهذا وحده يُنذر بأيام صعبة بدأت تتسلّل إلى داخل بيئة تحوّلت إلى هدف لقتل إرادي ولا إرادي من دون أن تجد من تشكو لها أمرها، علّه يرفع عنها شبح الموت. فمن الضاحية الجنوبية الى الجنوب فالبقاع، أخبار الموت تتوافد وتتوالى بشكل يومي عن شبّان في مقتبل العمر يسقطون خارج حدود الوطن والعقيدة فيتحوّلون الى «نجوم» موقتين بعد التداول بسيرتهم وصورهم من لسان الى لسان ومن هاتف الى آخر قبل أن يعود وهجهم وينطفئ ويصبحون مجرّد ذكرى.

ثمة قرى جنوبية يؤكد أهاليها، أن هناك تزايداً ملحوظاً في أعداد عناصر «حزب الله» الذين يسقطون في سوريا، إذ لا يمر يوم، بحسب هؤلاء، إلّأ ويُعلن فيه عن سقوط عنصرين على الأقل. هناك قرية جنوبية يؤكد المتابعون أنها خسرت حتّى اليوم، ثلث عدد عناصر الحزب تقريباً فيها، وهم ثلاثة عشر عُنصراً من أصل أربعين، الأمر الذي يُنذر برأي أحد وجهاء القرية، بفاجعة غير مسبوقة فيما لو استمر الحال على ما هو عليه واستمرّت النكبات والخسائر تُلاحق حزب الله» في الميدان السوري. وبرأي معظم الجنوبيين، أن الحل الأفضل، يكون بالعودة إلى لبنان وتحصين الساحة هنا لا في أي مكان آخر.

بعيداً عن المعتقدات وسياسة التعبئة وحقن النفوس، فإن الموت في صفوف «حزب الله» هو حياة في دنيا الآخرة. هذا ما يُشيعه الحزب داخل بيئته وهذا ما صار أقصى طموحات بعض عناصره، فلا فرق إن كان «العدو» هو الشعب السوري أو في أي مكان آخر، فالمهم بالنسبة إلى هؤلاء، أن تُقام لهم مآتم وجنازات حاشدة وأن تمتد أياماً وليالي، بالإضافة إلى الأمر الأهم وهو، عرض الوصيّة المصوّرة أكثر من مرّة اسبوعيّاً على شاشة تلفزيون «حزب الله» وإجراء مقابلات خاصة مع الاهل والأقارب والأصدقاء.