IMLebanon

«حزب الله»: الحلف مع «أمل» أهم من السلطة

عن نصرالله.. ونصر عون

«حزب الله»: الحلف مع «أمل» أهم من السلطة

يدرك «حزب الله» جيدا ان تعقيدات الساحة اللبنانية وخصوصياتها تتطلب أنماطا مدروسة وواقعية من السلوك السياسي، فلا الانتصارات ولا الهزائم في الداخل يمكن لها ان تغير في صلب التوازنات التي تقوم عليها قواعد السلطة والعلاقة بين الطوائف.

ليس أدل على هذه الحقيقة من ان «حزب الله» اضطر الى التعامل بكثير من التواضع و «الانضباط» مع الانجاز النوعي الذي تحقق بانتخاب حليفه المسيحي و «المرشح الطبيعي» ميشال عون رئيسا للجمهورية، فيما تعمدت أطراف أخرى استقلت متأخرة قطار ترشيح الجنرال ان توحي وكأنها هي صاحبة الفضل في إيصاله الى قصر بعبدا، برغم ان رئيس «التيار الحر» جبران باسيل كان واضحا وجازما في التأكيد بان «حزب الله» هو شريك في النصر الرئاسي.

بالنسبة الى «تيار المستقبل»، فان موقف الرئيس سعد الحريري الداعم لانتخاب عون في ربع الساعة الاخير هو الذي فتح امامه ابواب قصر بعبدا، وبالنسبة الى «القوات اللبنانية» فان مبادرة رئيسها سمير جعجع الى التضحية بترشيحه وتجاوز جراح الماضي وصولا الى تأييد عون هي التي فرضت على الآخرين ان يتعاطوا مع عون باعتباره مرشح التوافق المسيحي الذي لا بديل عنه.

أكثر من ذلك، يروي أحد قياديي «التيار الحر» انه فوجئ بان بعض الشخصيات الهامشية والثانوية في اللعبة السياسية تحاول الترويج في مجالسها وإطلالاتها بانها ساهمت بشكل او بآخر في وصول عون الى قصر بعبدا، وبالتالي فان بعضها ذهب الى المطالبة بـ «بقشيش» وزاري كنوع من المكافأة له!

انه لبنان. الانتصار له ألف أب والهزيمة تكون عادة يتيمة.

ومع ذلك، يتعاطى «حزب الله» ببرودة مع محاولات البعض تهميش دوره المحوري في الاستحقاق الرئاسي وصولا الى اتهامه بانه لم يكن متحمسا أصلا لانتخاب الجنرال وان مرشحه الحقيقي كان الفراغ، وفق أدبيات «القوات» وبعض القوى التي ذهبت بعيدا في السيناريوهات الافتراضية.

المهم عند الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ان الجنرال والمقربين منه يعرفون بالتفصيل الممل طبيعة الدور الحيوي الذي أداه في كسب معركة انتخاب عون، وهو يفترض ان القواعد الشعبية للتيار البرتقالي تعرف أيضا جوهر نيات الحزب، برغم المسعى المنهجي الذي يبذله خصومه لتشويه الوقائع وتحويرها.

والمقتنعون بالدور المفصلي للحزب يؤكدون انه لولا ثباته على خياره، عبر دعم عون من الترشيح الى مقاطعة جلسات الانتخاب، ما كان الحريري وجعجع ليبدلا موقفيهما لاحقا.

ويشير هؤلاء الى ان من كان يروج بان قيادة الحزب لم تفعل شيئا عمليا ولم تبذل جهدا حقيقيا لتسهيل انتخاب الجنرال واكتفت بالتأييد النظري له، إنما حاول التسويق لبضاعة فاسدة سياسيا، لافتين الانتباه الى ان النائب سليمان فرنجية كان قد طلب من الحزب، بعد دعم الحريري ترشيحه، ان يشارك فقط في جلسة الانتخاب وان يصوّت ضده إذا أراد، لكن الحزب وبرغم تقديره الكبير لرئيس «تيار المردة» بقي على التزامه مع الجنرال، فهل من فعل يمكن ان يبادر اليه أهم واصعب من هذا الامر، خصوصا ان فرنجية يعني له الكثير، سياسيا ووجدانيا؟

وعلى أهمية التطور الذي يعكسه انتخاب عون، لا سيما لجهة التعبير عن ميزان القوى السائد، محليا وإقليميا، تفادى الحزب التباهي بما حصل، تاركا لبعض الإعلام الداخلي والخارجي تظهير دلالات فوز الجنرال برئاسة الجمهورية، ومعانيه السياسية.

وما زاد من حرص الحزب على تعمد عدم الظهور بمظهر الرابح الكبير، رغبته في مراعاة موقف الرئيس نبيه بري الذي كان يعارض انتخاب عون، لا سيما ان التحالف الوجودي بين الطرفين يكتسب في هذه المرحلة اولوية قصوى لديهما.

ويؤكد مصدر مقرب من «حزب الله» ان الحلف مع «أمل» ووحدة الصف الشيعي يتقدمان على أي مسألة أخرى، وهما بالتأكيد أهم من السلطة ومكاسبها، مشددا على ان بري شريك اساسي في الحكم، وعلى المعنيين التعامل بجدية مع مطالبه إذا أرادوا للحكومة الجديدة ان تتشكل بطريقة صحيحة وميثاقية.