Site icon IMLebanon

“حزب الله” لاحتواء فرنجيه وإبقائه في “الخط”

الأوساط الأخرى المتابعة حركة “حزب الله” بدقة تتمسّك باقتناعها بأن ملف ملء الشغور في رئاسة الجمهورية قد أُقفل وكذلك المبادرة الرئاسية الحريرية، وبأن لا رئاسة للمرشح سليمان فرنجيه نائب زغرتا ولا عودة إلى رئاسة الحكومة للحريري في المستقبل القريب وربما المنظور. وتتساءل إذا كان الملفان المذكوران مع توابعهما سيعاد فتحهما بعد مدة. لكن جوابها الجازم عن ذلك هو أن أحداً لا يعرف أي لا يمتلك جواباً، إذ أنه يرتبط وفي صورة أساسية بالظروف الداخلية وبالتطورات الإقليمية.

وتؤكد الاوساط نفسها أن فرنجيه أخطأ رغم أن “حزب الله” حذّره من المطبّات، ودعاه إلى الإنتباه واليقظة والحذر وإلى عدم الاندفاع خضوعاً لشهوة الرئاسة عنده. لكنه لم يقتنع مظهراً بذلك أن تحليله وعمقه السياسيين ليسا عميقين بما فيه الكفاية. وتلفت إلى أن قيادة “الحزب” طلبت منه أو بالأحرى تمنّت عليه أن لا يذهب بعيداً في معاداة “منافسه” الرئيس العماد ميشال عون أو في مهاجمته، وخصوصاً بعدما أُعلن أنه سيكون ضيف “كلام الناس” البرنامج التلفزيوني الذي يعده ويقدمه الزميل مارسيل غانم على شاشة الـ”ال. بي. سي.” وقد فعلت ذلك بوسائل عدة، منها لفت “صاحب” المحطة التلفزيونية الشيخ بيار الضاهر إلى هذا الأمر فأظهر تجاوباً، وأثار الموضوع مع غانم الذي كان يتهيّأ للإلتقاء بالمرشّح فرنجيه تحضيراً للحلقة وذلك لنصحه بعدم حشره أو استفزازه الأمر الذي يدفعه إلى التهجّم على عون. وبالفعل عقدا اجتماعين تحضيريين لكن بدا أن النصائح لم تثمر. ومنها أيضاً قيام شخصية مهمة بتكليف رسمي بتكرار النصائح على فرنجيه، والنتيجة كانت مشابهة.

وفي الحلقة التلفزيونية، تتابع الأوساط إياها، أظهر فرنجيه عدم تجاوبه مع كل النصائح التي وُجّهت إليه من موقع التقدير له والحرص عليه. إذ أخطأ في حديثه عن الشرعية وسلاح المقاومة، وعن صداقته للرئيس بشار الأسد، وعن علاقة بيته أي عائلته القديمة مع المملكة العربية السعودية. فهو اعتبر الصداقة المذكورة شخصية، نافياً عنها وإن على نحو غير مباشر التحالف الاستراتيجي ووحدة المشروع السياسي سواء بشقه اللبناني أو بشقه الإقليمي. كما بالغ في الحديث عن العلاقة القديمة والمستمرة بين آل سعود وعائلة فرنجيه وخصوصاً مع الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز يوم كان أميراً للرياض. وأخطأ أيضاً في الهجوم على عون. وتشير معلومات الأوساط المتابعة إياها الى أن “الحزب” سأل فرنجيه بعد الحلقة التلفزيونية عن الذي فعله، فكان الجواب أنه لم يتكلّم عنه (“الحزب”) إلا بكل ودّ ومحبة وتحالف. أما عون فإن الكلام عنه حصل لأنه هو مستمر في مواجهته، وهذا صحيح. لكن الفرق أن عون يتكلم عنه بالسلب خارج الإعلام في حين أن فرنجيه نقل التدهور في العلاقة إلى الإعلام الأمر الذي يعقّد لمّ الشمل. طبعاً لم يتراجع فرنجيه في أثناء “الاتصال” المشار إليه داعياً “الحزب” إلى تسوية المشكلة بينه وبين “الجنرال”، كالعادة.

هل العتب أو الزعل هو من “حزب الله” على فرنجيه فقط أم أن الأخير عاتب بدوره عليه؟

تفيد معلومات الأوساط المتابعة نفسها أنه عاتب على قيادات فيه لاقتناعه بمسؤولية بعضها عن الحملة الإعلامية التي استهدفته بعد زيارته الحريري في باريس واتفاقه معه على مبادرة ترشيحه لرئاسة الجمهورية، سواء بتوفير المعلومات الصحيحة عنها لعدد من وسائل الإعلام أو بالتعرّض مباشرة للمبادرة ومُطلقها والمستفيد منها من دون ذكر أي أسماء وذلك بمواقف قاسية وحادة نشرها الإعلام. ويتردَّد هنا أن فرنجيه عاتب القيادة العليا على ذلك فنفت وجود خطّة منسقة ومفصلة للنيل منه أو وجود قرار بمهاجمته ودعته إلى التواصل مع القيادات المعنية في “الحزب” لجلاء كل الأمور والتفاهم على المستقبل. وتفيد المعلومات نفسها أن اطلاع فرنجيه الحزب على زيارته باريس تمّ آخر لحظة، واعتبرت أن الهدف منه قد يكون أخذ موافقة من دون اطلاعه بدقة على تفاصيل ما جرى فيها وما سيجري بعدها، ولذلك ترك له حرية القيام بها.

هل يتفاعل سوء التفاهم هذا بين المرشّح فرنجيه و”حزب الله” ويؤدي إلى طلاق بينهما؟

تجيب الأوساط نفسها المتابعة بدقّة حركة “الحزب” أن موقفه يقضي باحتواء سوء التفاهم الذي حصل، وبالمحافظة على فرنجيه وبإبقائه في “الخط” الذي لم يتخلّ عنه منذ ممارسته السياسة، وعدم إجباره على الخروج منه بالتحدي والاستفزاز، ذلك أن دوره فيه مهمّ وكذلك مستقبله.

ماذا عن الموقف الفعلي للرئيس السوري بشار الأسد من مبادرة الحريري إلى ترشيح فرنجيه لرئاسة الجمهورية؟