ضاقت الخيارات امام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فابتعاده عن الساحة اللبنانية لن يعيده الى صلب المعادلة السياسية ولن يلم شمل جمهور تيار المستقبل حوله.
وبالتالي، لم يعد امام الحريري الا خيار واحد اذا اراد قطف الزعامة مجددا: إنه «ميشال عون». هكذا يردد أصحاب القرار في قوى ٨ آذار.
لا يبالغ هؤلاء اذا اعلنوا صراحة ونقلا عن اجواء حزب الله بأن مصير رئاسة الحكومة الجديدة لم يعد مرتبطا بانتخاب عون رئيسا للجمهورية فقط، انما اصبح الجنرال هو من يقرر مصير تشكيل هذه الحكومة او بمعنى اوضح فان رئيس الجمهورية إذا كتب لميشال عون يملك الحق باختيار رئيس حكومة عهده سواء كان الحريري او غيره، علماً أن دستور الطائف ينيط هذا الأمر باستشارات نيابية ملزمة وليس بيد ر ئيس الجمهورية وحده، إلا إذا كان عون يريد تكرار تجربة إميل لحود مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وعليه، اصبح لزاماً على الحريري تقديم بيان واضح عن سياسته الحكومية وكيفية تطبيق الشراكة الوطنية الحقيقية في الحكم اذا اراد ان يكون رئيس حكومة العهد الجديد، بحسب ما يقول أصحاب القرار في ٨ آذار.
في 20 تشرين الثاني 2015، اخبر قيادي كبير في حزب الله كاتبة هذه السطور بأن فتح ابواب السراي الحكومي امام الرئيس الحريري مرتبط بموافقته على انتخاب عون رئيسا للجمهورية، ونشر هذا الكلام في «اللواء» في اليوم التالي أي في ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٥.
اليوم وبعد مرور سبعة اشهر، يجزم اصحاب القرار في 8 آذار بأن معادلة الحزب لربما اصبحت اصعب، بعد ان زاد عليها عنصر آخر بعيد عن عون والحريري ويتعلق بعدم امكانية حزب الله القفز فوق دماء الشهداء والتضحيات التي قدمها لحماية الحدود وحفظ لبنان واللبنانيين من خطر التكفيريين.
لم يعد يقبل «حزب الله» بأي نهج سياسي في العهد الجديد لا يحفظ هذه الدماء، فسلة الحل التي يريدها الحزب ويؤيدها الجنرال وحلفاؤهم في 8 آذار وتمثل قناعاتهم تتضمن الاتفاق على قانون انتخابات يعتمد النسبية وعلى بيان وزاري للحكومة يلحظ بوضوح دورها في الدفاع عن المقاومة وحمايتها.
من هذا المنطلق، لا يكترث «حزب الله» كثيرا في المساهمة في دعم نظام سياسي ومالي واقتصادي يقدم الخيارات الاميركية وغيرها على الخيارات الوطنية، فبالنسبة له لا تقف مسألة الازمة اللبنانية على حل الملف الرئاسي فقط بل تتخطاها كما يبدو واضحا الى الاتفاق على نهج سياسي يعتبر المقاومة «كأساس ومنطلق في رسم سياسة لبنان الداخلية والخارجية».
عليه، فان زيادة العقوبات السياسية والمالية على «حزب الله» وفقا لاصحاب القرار في 8 آذار لن تغير في قرارات الحزب ولن تدفعه الى الضغط على حليفه في الرابية لتغيير موقفه.
وفي هذا السياق ينقل هؤلاء عن القيادي ذاته قوله في معرض الاستهزاء بأن «اي حالة صحية بسيطة مثلا كالرشح قد تكون اقوى من اميركا وعقوباتها وكل دول العالم، فهذا السبب لربما قد يقنع عون بالتراجع والتنازل عن الرئاسة في حين سيفشل الآخرون وبالتالي فليتوقف الرئيس الحريري ومن وراءه عن المزايدات في هذا الموضوع وليذهبوا مباشرة الى خيارين:
اولا: فتح باب الحوار الجدي مع الجنرال ميشال عون.
ثانيا: ترتيب العلاقة مع حزب الله والابتعاد عن الخطاب التصعيدي وتغليب لغة الشراكة الوطنية وعدم الرضوخ للاميركي وغيره.