Site icon IMLebanon

«حزب الله» يحوّل مجالس العزاء إلى منصة لإطلاق «صواريخ» الفتنة

لم يعد أمام قادة «حزب الله»، سوى مجالس العزاء التي تُقام في كل يوم في قُرى وبلدات في البقاع والجنوب لعناصر الحزب الذين يسقطون في سوريا، لإطلاق العنان لفبركاتهم وأضاليلهم وتوجيه اتهاماتهم للمملكة العربية السعودية بالوقوف وراء التعطيل الحاصل في البلد، وصولاً إلى تحميلها مسؤولية ما يجري في سوريا والعراق واليمن.

يُصر «حزب الله» على انتهاج الخطاب العنصري وإسقاطاته في روح التعايش السلمي مع أبناء وطنه ومع جيرانه وتحديد أولئك الذين لهم بصمات بيضاء في كل مرحلة من تاريخ لبنان خصوصاً، مراحل المحن التي مرّ بها الحزب نفسه. وعطفاً على ممارساته غير المدروسة، اتهم نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أمس، «السعودية بأنها هي التي تعطل الحياة السياسية اللبنانية، وهي التي تقف عائقاً أمام مسار انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك من أجل معاقبة لبنان لرفضه الوقوع في الفتنة ضد المقاومة«. غريب هو تباكي قادة الحزب على استحقاقات يقفون هم وراء تعطيلها ويُمعنون في اتباع سياسات التضليل بهدف حرف أنظار جمهورهم عن الوقائع الميدانية في سوريا والتي تؤكد عمق الأزمة التي لم يعرف للخروج منها سبيلاً منذ خمس سنوات.

يحاول «حزب الله» قدر المُستطاع، الإبتعاد أو التهرّب عن لُبّ المُشكلة التي يُعاني منها وهي انزلاقه في الحرب السوريّة وتحوّله إلى جزء أساسي من الأزمة في هذا البلد المُشتعل. وغالباً ما يوقعه هذا التهرّب، في الكثير من المُغالطات وبالتالي افتضاح السياسة التي ينتهجها خصوصاً لجهة الدور الذي يقوم به ويُغرق في سبيله أبناء طائفته بالدماء، وهو الدفاع المُستميت عن إيران وسياستها ومصالحها في المنطقة. الأمر الذي يُبرز عمق العلاقة العضوية التي تربطه بإيران وحرسها الثوري، والتبعية العمياء لقرارات «المُرشد» وتحوّله إلى جُندي في «ولاية الفقيه» ودخوله في حروب تحت مسمّى، الوكيل بالنيابة عن الأصيل.

المؤكد أن هجوم «حزب الله» الدائم والمُستمر على المملكة، ليس سببه التعطيل الرئاسي في لبنان الذي يصب بكل تأكيد في مصلحته ولا حتّى دعمها فصائل سورية مُسلحة بحسب ما يدّعي، بل يعود لأسباب لها علاقة بالوضع في اليمن وتحديداً يوم قرّرت السعودية وضع حد للتمدد والتدخل الإيراني هناك، من خلال جماعات يعتمد عليها النظام الإيراني في الداخل من أجل قلب نظام الحكم فيه وتحويله كما لبنان وسوريا والعراق إلى منصّة أو قاعدة عسكرية تنطلق منها الهجمات ضد خصومه، ومثلما درجت العادة، يتحوّل «حزب الله» إلى واجهة هذه الأحداث ليقوم لاحقاً بتحميل اللبنانيين، نزواته السياسية ومغامراته الأمنية والعسكرية.

يُتابع قاووق سياسة التجنّي وتحميل غيره مسؤولية فشله السياسي والعسكري، إذ يعتبر في المجال نفسه أن «السعودية اليوم تحصد الخيبة تلو الخيبة داخل سوريا، لأن مشروعها يتراجع، وهي اليوم تستميت لتحمي جبهة النصرة من أن تصنف على لوائح الإرهاب، ولكنها فشلت، لا سيما بعدما أقر المجتمع الدولي أن جبهة النصرة هي جبهة إرهابية تكفيرية متصلة بالقاعدة«. في هذا الكلام، يستعيد قاووق لغة الازدواجية التي يتعاطها حزبه ويتقنها إلى حد جعلته يرسب في امتحانات مادة «المصداقية» إن في تعاطيه مع جمهوره وتحديداً الوعود التي ما زال يُغدقها عليه من «نصر» و»جنّة» و»واجب جهادي»، وإن في السياسة ينتهجها تحت قُبّة البرلمان، المكان الذي تسقط فيه المصالح الشخصية، وحيث يجب أن ترتفع عبر مكبرات الصوت في داخله، مصلحة الشعب وحده. وإذ بالشعب الذي دعم مُقاومة «حزب الله» ذات يوم بدمه وماله، يتحوّل إلى أولى ضحاياه.

عبارات تخوينية وتحريضية وتهجمية، لا ينفك «حزب الله» عن إطلاقها عشوائيّاً كما هو حال رصاصه «الطائش» في لبنان وصواريخه «العمياء» في سوريا، وفي كلتا الحالتين، المتضرر هم الأطفال وحدهم. عبارات يُطلقها في مواقع مُختلفة، مرّة تحت عنوان أو إدعاء الحرص على البلد ومؤسساته، ومرّات لتجنّب الفوضى والتقاتل في المنطقة. علماً، أنه وبمجرّد استعادة عقارب الزمن، يتبيّن أن الحزب قد ارتكب مئات المحرّمات والمعصيات بحق لبنان واللبنانيين، ولا تبدأ هذه الارتكابات بمغامرات حرب تموز وتبعاتها، ولا تنتهي بالمأساة والدموع والموت، الذين أدخلهم إلى بيوت جزء كبير من اللبنانيين.

على الرغم من شعوره بأنه أصبح مُحاصراً في أكثر من مكان في ما يتعلق بانتخاب رئيس للبلاد وذلك بعد المبادرات المتعددة التي قُدمت لتسهيل الانتخاب وأبرزها تلك التي أطلقها الرئيس سعد الحريري والإحراج الشديد التي سببته له، يُصر «حزب الله» البارع في فبركة الحقائق وحرفها عن مسارها الطبيعي، من خلال قادته، على اتهام السعودية تارة وتيّار «المستقبل» طوراً، بالتعطيل وبوقوفهما بوجه وصول «مرشحه» إلى كُرسي الرئاسة الأولى. لكن ومن خلال نظرة لمجرى الأمور أو الطريق الذي يسلكه الحزب في موضوع الفراغ، يتبيّن أنه محكوم بالسير في هذا الموضوع وغيره، بحسب البوصلة أو الخريطة الإيرانية، ومُستمر أيضاً، في نهج ضرب المؤسسات وتجاهل وجود الدولة وعدم الاكتراث للنتائج السلبية التي تنعكس على البلد كلّه، من جرّاء إصراره على التحكّم بلبنان بأي طريقة في سبيل تأمين التغطية الكاملة لارتكاباته خارج الحدود والحفاظ على سلاحه الذي أصبح هو أيضاً، لزوم ما لا يلزم.