مؤسفٌ ما وصله «حزب الله» من انحدار لم يسلم منه أمينه العام السيد حسن نصر الله، الذي بات يهرب من «تبرير» إلى «تبرير»، لزوم «ترقيع» ما روجه إعلامه الحربي من دعاية، منذ مسرحيته في جرود عرسال، وظن واهماً أنه قادر على إقناع الناس بها، وتمريرها عليهم.
لم يصمد ما روجه «حزب الله» من انتصار أمام انتصار الجيش الفعلي. سرعان ما تزعزعت الثقة بما قام به، بمجرد أن شهد شاهد من اهله، بأن كل الطبول التي قرعها «حزب الله» في جرود عرسال كانت على شرف 120 إرهابياً من جبهة «النصرة»، وانتهت بـ«صفقة» زادت من حراجة موقف «حزب الله»، بعدما اتضح فعلياً، أنه هدفه من معركة الجرود لم يكن رأس «النصرة»، بل رأس عرسال، ولما وجد أن طريق «النصرة» لن تقوده إلى عرسال، وأن الطريق «مسدودٌ مسدودٌ مسدود»، بفعل القرار السياسي الحازم الذي ترجمه الجيش اللبناني بحماية البلدة، بتوجيه من الرئيس سعد الحريري، عاد الحزب خطوتين إلى الوراء، وذهب إلى «تمنين» اللبنانيين بـ«انتصار» يعرف هو، أكثر من غيره، أنه لم يتحقق!.
لم يكن «حزب الله» يتوقع أن يحشره الجيش اللبناني في «بيت اليك»، وأن يسارع إلى خوض المعركة ضد إرهابيي «داعش» سريعاً، على توقيته اللبناني، ومن دون أي منة من الحزب أو غيره، خصوصاً بعد أن نأى الحزب بنفسه عنها، نظراً لحاجته الماسة لإبقاء هذا «البعبع»، في خدمة مصالحه الأسدية والإيرانية، ولأسباب بدأت تتضح وتنفضح، من مسرحية تسليم «الدواعش» لأنفسهم، إلى «الصفقة» التي أنجزها مع إرهابيي «داعش»، والتي انقلب سحرها على «حزب الله»، وباتت نتائجها المباشرة وغير المباشرة وبالاً عليه، بعدما ظن انها كفيلة بجعله يسطو على مشاعر الشعب اللبناني بأنه كشف مصير العسكريين المخطوفين، وبأنها تُمكنّه من خطف انتصار الجيش الحقيقي، أو أن يكون أقله شريكاً فيه!.
لم ينجح «حزب الله» في هذه وتلك، ولم تسعفه «فصاحة» أمينه العام في تحقيق ذلك، لا بل انقلبت عليه، وبات «أسيراً» لـ«التبرير» في إطلالاته المكثفة، و«الهروب» من الحقيقة إلى إطلاق الاوصاف والاتهامات على كل من عرى مسرحيته في جرود عرسال، و«الصفقة» مع إرهابيي «داعش»، والتي حاول من خلالها ابتزاز الحكومة اللبنانية للتنسيق مع نظام بشار الأسد، ولم ينجح أيضاً.
قامت الدنيا على «حزب الله» ولم تقعد حتى اللحظة، انطلاقاً من انه يتصرف بمنطق ما يحق له لا يحق لغيره، ولا حتى لدولته. وكان السؤال الذي طرح نفسه كيف «حَرَّم» الحزب على الدولة التفاوض لاستعادة العسكريين المخطوفين عندما كانوا «أحياء» و«حلّل» لنفسه التفاوض مع «داعش» واستعادهم «شهداء»، في توقيت يحقق «مصلحته» بتحوير الأنظار عن انتصار الجيش اللبناني في الجرود، وتأليب الرأي العام ضد الدولة والجيش لأنهما تركا الجنود في أرض المعركة.
لم يقتصر الانقلاب على هذه القضية على أهميتها وحساسيتها الوطنية، بل طاول أيضاً مصداقية السيد حسن نصر الله، بعد أن «بلع الموس» حيال «عقيدته» السابقة الرافضة إلى التفاوض مع «داعش»، والداعية إلى قتالهم حتى الموت، وأطل بـ«عقيدة جديدة» تبرر التفاوض معهم، وتعطف عليهم، وتنادي بالوفاء للاتفاق معهم باسم الدين!
كل ذلك، قبل أن يصاب «حزب الله» بنيران حلفائه العراقيين، مع رفض رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي ل«صفقته» مع «داعش»، ما اضطره إلى إصدار بيان توضيحي، لم يكن موفقاً فيه، لدرجة أن أدان نفسه بنفسه، بقوله رداً على العبادي «إن الذين تم نقلهم (دواعش) ليسوا اعدادا كبيرة ولن يغيروا شيئا في معادلة المعركة!»، ما استدعى تعليقاً على نصر الله من قبل أحد الزملاء، توجه فيه إلى «أصدقائه» في «حزب الله» بالقول:«اذا كان 300 عنصراً»داعشياً«ليس عدداً كبيراً، ولا يغيروا شيئاً في معادلة المعركة، لماذا»طاوشين«الكوكب بالتحرير الثاني؟! واذا كان 300 عنصراً»داعشياً«ليس عدداً كبيراً، فكيف ب120 عنصراً من»النصرة«في جرود عرسال، خرجتم من بعدها بخطابات النصر الاستراتيجي؟!».
«نِعمَ» الانتصارات التي ينقلب «حزب الله» فيها على نفسه.. ونقطة على السطر!
(*) منسق عام الإعلام في «تيار المستقبل»