Site icon IMLebanon

كيف سيُواجه برّي «عناد» الجنرال من «تشريع الضرورة» حزب الله يتفهّم اعتبارات عون المسيحيّة

كيف سيُواجه برّي «عناد» الجنرال من «تشريع الضرورة» حزب الله يتفهّم اعتبارات عون المسيحيّة

ولكن اليوم..

يبدو أن أزمة «التعطيل» التي تضرب لبنان بمؤسساته الدستورية وصلت إلى «بيت التشريع» وحطّت في المجلس النيابي، الذي حاول الرئيس بري جاهدا وبكل ذكاء وحنكة أن يحيّده عن بازار السياسات «الكيدية» وعن المواضيع الخلافية التي كانت تعصف بين الحين والآخر على كل صغيرة وكبيرة بين الفرقاء السياسيين، حيث كانت العصا السحرية «لمايسترو» التسويات تجد مخرجا يجنّب البلاد مآزق كثيرة .

إلا أن الموقف الأخير الذي إتخذته الكتل المسيحية من حزب الكتائب والقوات ولحق بهما تكتل التغيير والإصلاح، قلب معادلة «تشريع الضرورة» الذي تمّ التوافق عليه مؤخرا بين الكتل كافة – الذي سقط مقابل غياب «الميثاقية» التي يجاهر ويدافع عنها دوما بري في كل حركته التشريعية، لكن هذه المرّة أتت من جهة «الحليف» المسيحي أي العماد عون والذي تربطه مع الرئيس بري علاقة «جدليه» تتساوى بها مشاعر الودّ مع الخصام تحت سقف واحد أو بتعبير أدق «التعايش» الصعب الذي تفرضه نظرتهما المختلفة لكثير من المواضيع.

الزيارة الأخيرة والتي قام بها الجنرال عون إلى عين التينة، كانت بمثابة محاولة لكسر الجليد بين الرجلين كونهما يتمركزان في محور واحد – وإن برؤية مختلفة لبعض الأمور- وأفسحت المجال لنقاش هادئ للكثير من النقاط التي لهم فيها وجهات نظر مختلفة في أولويات ترتيبها وطريقة حلّها.. ولكن بقي كل فريق في مكانه.

أوساط نيابية قريبة من عين التينة أصيبت بالدهشة بعد إعلان موقف التيار الوطني عن مقاطعته جلسات التشريع، وإنضمامه إلى حزبي الكتائب والقوات في الحديث عن ضرورة إدراج بعض مشاريع القوانين الهامة على جدول أعمال الجلسة كشرط مسبق لحضورها، كموضوع سلسلة الرتب والرواتب وإقرار الموازنة وإعادة البحث بموضوع التجنيس للمغتربين القدامى، والأهم موضوع قانون الإنتخابات، يعني بإختصار يريد «الممتنعون» عن حضور جلسة التشريع طرح اكثر المشاكل تعقيداً وتشابكاً شرطاً أساسياً لحضور الجلسات، وهو طرح غير واقعي في ظل الإنقسامات الحادة الموجودة بين الكتل النيابية داخل البرلمان والتي تعكس الإنقسام الحاد في البلد، وتجعل من الإتفاق على موضوع روتيني بسيط أمرا صعب المنال، فكيف بمواضيع شائكة مثل التي تطرحها جبهة: القوات – الكتائب والتيار الوطني؟

مصادر مقربة من حزب الله ترى في موقف التيار الوطني خصوصية مسيحية لا تتماشى مع مسار التحالف الإستراتيجي مع الحزب، وإن كانت تتفهمه ولا تحبّذ التعليق عليه، كون الإثنان متفقان على أن الإختلاف بالرأي لا يفسد للودّ قضية، حيث كان لحزب الله موقفا متمايزا عن التيار الوطني بموضوع التمديد للمجلس النيابي، وقد تفهمه التيار حينها، وتضيف المصادر أن الجنرال عون ملزم بإعتبارات مسيحية وحزبية تجعل بعض مواقفه تتمايز عن مواقف الحزب وهو امر طبيعي إعتدنا مواجهته والتعامل معه وتجاوزه، ولكن هذه المرة يبدو الموضوع أكثر تعقيدا – كما تشير المصادر – كون السجال هو مع الرئاسة الثانية ويتعلق بالحليف الأول لحزب الله أي الرئيس بري، الذي لم يخف إمتعاضه وإنزعاجه وإستغرابه من موقف التيار- غير المتوقع من الإنضمام لجبهة القوات – الكتائب، فكان موقفا واضحا لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم عندما أكد رفضه لإستراتيجية «تعطيل التشريع» بحجة الربط مع إنتخابات الرئاسة والذي يحمّل الحزب مسؤولية عرقلته لـ 14 آذار، كون التعطيل يتعلق بمباشرة بمصالح الناس الحيوية والمعيشية، وهنا يبرز التمايز الهام بين حزب الله وحركة أمل وحليفهم في 8 آذار العماد عون.

مصادر في 8 آذار إعتبرت أن ما يجمع العماد عون مع حزبي الكتائب والقوات بموضوع مقاطعة جلسات التشريع مختلف، من حيث الزاوية التي يقاربها كل طرف على حدة، ويبقى شعار إنتخاب رئيس للجمهورية ، العنوان «الفضفاض» الذي يخفي خلفه الكثير من التفاصيل التي تؤرّق كل طرف على حِدا وتجعل من ضرورة حماية «التمثيل» المسيحي» شمّاعة «تُعلق عليها كل المواقف والطموحات.

لكنّ موقف العماد عون المفاجئ وخروجه عن موقف حلفائه في 8 آذار طرح تساؤلات كثيرة عن طبيعة العلاقة التي يمكن أن تسود في المرحلة المقبلة مع أقطاب 8 آذار وتحديدا حزب الله وحركة أمل، حيث صارت التباينات كبيرة بأمور يعتبرها الجنرال جوهرية – والتي تختلف مع موقف الحلفاء – بدءا من موضوع التمديد للمجلس النيابي الذي تجاوزه الجنرال بصعوبة، وصولا إلى رفض التمديد للقادة الأمنيين وحتى إلى مقاطعة جلسات التشريع، كلها أمور خلافية تراكمت في مسار العلاقة «الملتبسة» أصلا بين الرابية – عين التينة، واعتماد حزب الله على «ذكاء» الرئيس بري وقدرته على تدوير الزوايا.. ولكن إلى متى؟

تقول مصادر متابعة إن التهديدات الأخيرة للجنرال عون بالإنسحاب من الحكومة على خلفية التمديد للقادة الأمنيين، قابله طرح من الرئيس بري يهدد فيه بحلّ المجلس النيابي، يظهر المأزق السياسي الذي تعيشه المؤسسات الدستورية في البلد، وتجعل من آلية التعطيل «سلاحا» يشهره أي فريق بوجه الآخر عندما يتعارض مع رؤيته، ويتحول مجلس الوزراء والمجلس النيابي حلبة صراع فيها شدّ وجذب ليحقق كل فريق نقاط أكبر في مرمى الفريق الآخر، لغايات شخصية وإن تحت مسمى المصلحة الوطنية.

وختمت المصادر بالقول، ان موقفي الكتلتين المسيحيتين: القوات والكتائب لم يكن مفاجئا وكان قيد المعالجة في الاتصالات الجارية لإيجاد مخرج للمأزق، لكن موقف تكتل التغيير والإصلاح بدا اشدّ تعقيدا من خلال معطيات التي تؤكد انّ التكتل ماضٍ في استعمال كل الاوراق الضاغطة لمنع التمديد للقادة الامنيين والعسكريين بما فيها ورقة الجلسة التشريعية، وهو ما يخلق مأزقا جديدا في مرحلة بالغة السخونة السياسية، علما ان اي مخرج لا يبدو مطروحا في الوقت الراهن بانتظار ما قد تحمله الايام المقبلة من تطورات ومواقف جديدة.