بانتظار ما سيقوله الرئيس سعد الحريري في إطلالته التلفزيونية غداً، خصوصاً في ما يتعلق في موضوع الحوار، فإنّ اسئلة بدأت تُطرَح حول ماهية هذا الحوار وأجندته، وشرطه، علماً أنّ الكلام الكثير الذي قيل في اليومين الماضيَين لم يرسُ، على موقفٍ نهائي، بانتظار توضّح موقف طرفَي الحوار، أيْ «المستقبل» و»حزب الله».
واذا كان كل طرف ينتظر ما لدى الآخر ليقول كلمته، خصوصاً في ما سوف يتمّ الحوار حوله، فإنه بات من المسلّم به أنّ هذا الحوار لن يكون الّا ثنائياً في المرحلة الاولى، على أن يتحوّل الى حوار بين جميع القوى السياسية من هنا ومن هناك، إذا ما أدى الى نتائج ولو متواضعة.
لم يرشَح عن موقف «حزب الله» أيّة مرونة فيما خص بنود الحوار، لا بل على العكس، فإنّ الحزب تعمَّد استباق هذا الحوار، بشرطين يجعلان منه مجرد بروفة مكرَّرة لما جرى في مجلس النواب في العام 2006، ولما استُكمل من دون نتيجة في القصر الجمهوري، بعد انتخاب العماد ميشال سليمان.
خلاصة موقف الحزب أنه لن يتحاور حول ملف الرئاسة، وسيحيل تيار «المستقبل» الى العماد عون، لا بل يمكن أن يطلب من «المستقبل» التحاور حول كيفية انتخاب العماد عون رئيساً «توافقياً»، وهذه ربما تكون قمّة الكوميديا الحوارية.
أما في ملف قتال «حزب الله» في سوريا، فإن هذا الحوار لا يُتوقع له أن يولد من الأساس، لمعرفة «حزب الله» وتيار «المستقبل» في آن، أنّ قرار انسحاب الحزب من سوريا، ليس بيده. بالتالي يكون اقتراح الحوار حول الملف الثاني مجرد دوران في حلقة مفرَغة.
يبقى السؤال: ماذا يملك تيار «المستقبل» من خيارات ازاء طرح مبدأ الحوار، وهل من مصلحة للرئيس سعد الحريري بأن يجلس على طاولة واحدة، مع «حزب الله» للكلام حول اللّاشيء، وماذا اذا وضع «المستقبل» أجندة حوار ثنائية، ورفضها الحزب؟
الواضح من خلال المعلومات الاوّلية، أنّ تيار «المستقبل» سيصرّ على أجندة حوار ثنائية للحوار الثنائي، وربما تكون حسب التراتبية، انسحاب «حزب الله» من سوريا، ومن ثم النقاش في الانتخابات الرئاسية. هذه الثنائية لا مفرّ من فرضها كأجندة نقاش، باعتبار أنّ كلّ القضايا الأخرى يتمّ بحثها بالحدّ الأدنى داخل الحكومة، ومعظمها لا يحتاج تطبيقها الى حوار، وهو لم يُطبَق بالفعل.
فماذا مثلاً عن الخطة الأمنية للبقاع الشمالي، وماذا عن التعطيل الموسمي لمجلس الوزراء، وماذا عن الوضع الأمني ككل الذي بات يتحرك على ايقاع تدخل الحزب في سوريا، وماذا عن عمليات التسلّح التي تتمّ برعايته، وماذا، وماذا، وماذا….
تعتبر اوساط مطلعة أنّ طرح مبدأ الحوار يجب أن يتخطى، مبدأ تنفيس الاحتقان، الى مناخٍ يوحي بأنّ هناك ضرورة بالجلوس على الطاولة، وإلّا فلماذا يفترض بهذه الاطراف أن تتجاوز الحكومة التي شُكِلت بعد تنازلات متبادلة، والمجلس النيابي الذي تمّ التمديد له بتوافق الاكثرية، وما هي الضرورة من الجلوس على الطاولة لالتقاط الصورة التذكارية، اذا لم يكن هناك قرار بالتفاوض لانهاء الفراغ الرئاسي.
لا يمانع «حزب الله» العودةَ الى الحوار من دون شروط، أما تيار «المستقبل» فهو معنيٌّ مسبَقاً بمعرفة على ماذا سيحاور، كما أنه معني، كونه القوة الاساسية داخل 14 آذار، بأن يكون قراره نابعاً من تشاور وتنسيق مع الحلفاء، أقله مع «القوات اللبنانية» التي شاركت في التمديد للمجلس النيابي، وهنا تكمن أهمية ما سيقوله الرئيس الحريري حول أجندة الحوار الثنائي المفتَرَض، كما عن أجندة الحوار الشامل، اذا صحت الاحتمالات الضعيفة بإمكان حصولِ اختراقٍ ايجابي.