Site icon IMLebanon

حزب الله يريد عون حليفاً إستراتيجياً لا رئيساً

علمت «النهار» في عددها أمس، أن وفداً من الحزب قام بزيارة غير معلنة للرابية نقل خلالها استمرار الحزب في دعمه وأن أي جلسة انتخابية تعقد ويتوافر فيها النصاب ستنتهي الى انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية. وحملت هذه الزيارة مصادر في «تكتل التغيير والاصلاح» على القول لـ«النهار» إن أي تغيير لم يطرأ على موقف «حزب الله» الداعم للعماد عون واذا كان الجميع ينتظرون بياناً أو موقفاً من الحزب فلا جدوى من الانتظار وكلام الامين العام للحزب واضح لا لبس فيه بان مرشح الحزب هو العماد عون.

تعليقي على هذا الخبر:

العونيون كما الذين يصفرون بين القبور. وأذهب إلى حد الجزم أن «حزب الله» لا يريد ميشال عون رئيساً بل يتمسك به حليفاً إستراتيجياً له.

لا أقول هذا للشماتة ولا لأني ضد أن يكون عون رئيساً للجمهورية (وقد نشطت لهذا السبيل وبالمباشر عندما كان هذا الأمر ممكناً، أي في فترة الغزل بين الرئيس سعد الحريري وميشال عون)، بل لأسباب جوهرية تتصل بمصلحة حزب الله الإستراتيجية.

فحزب الله لا يريد ميشال عون رئيساً للجمهورية لا لأنه «لعوب»، كما يحلو للبعض تصويره، وبالتالي يمكن أن ينقلب على مواقفه وفق ما تمليه عليه مصالحه الخاصة، أو لأنه، كقائد سابق للجيش اللبناني له حساسية طبيعية على السلاح غير الشرعي، أو لأنه كبير بالسن وقد لا يكمل عهده الرئاسي…

بنظري، إن مصلحة «حزب الله» تملي عليه أن لا يكون ميشال عون رئيساً للجمهورية لأن عون موضوعياً  يؤدي ثلاث وظائف بغاية الأهمية له، يفقدها طبيعياً إذا وصل إلى موقع رئاسة الجمهورية:

أولاً، ساهم عون منذ توقيعه على ورقة التفاهم عام 2006، ونجح نسبياً بإجراء تحول أساسي في هندسة الكيان اللبناني من سني/ماروني إلى شيعي/ماروني.

ثانياً، نجح عون في إحداث تغيير مهم في المزاج الطبيعي المسيحي عموماً والماروني خصوصاً تجاه «قوى الممانعة» في لبنان والمنطقة، فبات جزءٌ لا بأس به من المسيحيين يتعاطف مع «المقاومة» وإيران الإسلامية وسوريا-الأسد.

ثالثاً، لبس عون عباءة «ملك مسيحيي الشرق» الذين تدعمهم قوى الممانعة التي تترأسها إيران في وجه «التكفير السني القادم من السعودية».

لا شك أن هذه الوظيفة الثالثة هي الأهم بنظر «حزب الله» لأنه ككيان «جهادي إسلامي على نحو ولاية الفقيه»، إهتمامه الرئيسي هو خارج الحدود اللبنانية. أما الوظيفتان الأولى والثانية، فهما مهمتان له لأنهما تساهمان في تحويل لبنان قاعدة آمنة لإنطلاق «جهاده» الإقليمي والأممي.

البعض في 8 آذار كما في 14 آذار يعتقد أنه يريد فعلاً ميشال عون رئيساً للجمهورية والبعض يذهب إلى أن الصورة سوف تتضح قبل 8 شباط.

أقول واثقاً أن سكوت حزب الله على ترشيح عون و«ترك حرية الإختيار» لأطراف 8 آذار بين عون وفرنجيه بحجة سلوكيته الديمقراطية مع حلفائه، وعدم «التمني» على فرنجيه لسحب ترشيحه تدلل على صحة ما تقدمت به.

أما ربط عدم إجراء الإنتخابات الرئاسية «بالحلول القادمة في المنطقة» أو بإنتظار إنتصارات لهذا أو ذاك من الأطراف الإقليمية، فهو ناتج عن جهل أو تجاهل أو تستير عن عجز. فلا حلول ولا إنتصارات ولا إنكسارات في المنطقة، إنما توترات وعدم إستقرار وحروب لا نهاية لها في المدى المتوسط وربما في المدى البعيد.

والحديث عن سلة متكاملة ورفض رئاسة الحكومة لسعد الحريري (وحزب الله الأكثر حاجة لحكومة برئاسة الحريري الذي وحده قادر على إدارة وضع 3 ملايين سني يعيشون المظلومية وبالتالي يشكلون بيئة حاضنة للمصطادين بالماء العكر!) والترشيح الشكلي لميشال عون، كلها عناوين لإحراج حزب الله.

نعم، مصلحة حزب الله تكمن في إيصال سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية ومصلحته في حكومة يترأسها سعد الحريري ومصلحته في دولة الحد الأدنى التي تهتم بالشؤون الإدارية والاقتصادية والإجتماعية والخدماتية والمالية والأمنية، ومصلحته في أن لا تحمل 14 آذار و 8 آذار مواقفهما الخلافية لدولة الحد الأدنى.

غير أن ما يعرقل التوصل إلى التسوية الوحيدة الممكنة (فرنجيه -الحريري) هي أنه حتى اللحظة لن يتمكن حزب الله من حسم أمره: فإذا إنتخب ميشال عون رئيساً يخسره كحليف إستراتيجي وإذا حسم موقفه بالذهاب إلى التسوية قد يخسر حماسة عون في تحالفه الإستراتيجي مع الحزب.

غير أن عون لن يذهب إلى القطيعة مع حزب الله لأن أبواب الحريري موصدة بوجهه ولأن مصالحته المستجدة مع جعجع لن تشفي غليله السلطوي!