قانون انتخابي عادل «يُعيد الجميع إلى أحجامهم»
«حزب الله» يريد لأية حكومة أن تنجح.. ولكن!
لدى «حزب الله» قراءة سياسية واضحة للمشهدَيْن المحلي والإقليمي، وبالتالي، صارت الانتخابات الرئاسية وراء ظهره، وعينه على الحكومة وما يمكن أن تُسفر عنه ورشة الاستشارات النيابية الملزمة؛ وبالتالي، الذهاب نحو وضع يؤدي الى تحصين الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.
«كل ما قيل سابقاً عن مثالثة وثنائيات لا فائدة منه ولا قيمة له، لأنه عبارة عن مجرد «فلاشات» سياسية ـ إعلامية للإبهار والإثارة وتحريك المشاعر، ومَن يريد أن يحمي بلده، هناك قوانين مرعية الإجراء فلتطبّق، وليتوقفوا عن دعم المرتكبين بسبب انتمائهم الطائفي أو المذهبي، أي تركهم يخضعون للمحاسبة وفق القوانين والأنظمة المرعية».
هذا الكلام يردّده قيادي حزبي بارز، داعياً الجميع الى إعطاء الأولوية لإنجاز مشروع قانون انتخابي جديد يضمن عدالة التمثيل. يسأل: «طالما حصة الطوائف وحقوقها محفوظة في الدستور، لماذا افتعال مشكلة مع كل الطوائف تحت عنوان «أين حقوق طائفتي؟»، ويضيف أن المطلوب قانون «يؤدي إلى ترييح الجميع واعتماد القاعدة النسبية التي تفتح الباب أمام كسر وحدانية التمثيل داخل الطائفة الواحدة نفسها، وفي الوقت نفسه، المطلوب أيضاً قانون انتخابي لا يؤدي إلى هيمنة طائفة على مقاعد طوائف أخرى بسلب بعض ممثليها زوراً وعدواناً بحجة التنوّع؟، فلماذا لا يكون هناك تنوّع إلا عبر سرقة مقاعد طوائف أخرى؟».
يرى «حزب الله»، حسب قيادي بارز «أن أي قانون انتخابي عادل سيُعيد الناس إلى أحجامها الطبيعية، ويجعل فئات لم تكن ممثلة بأن تعود وتتمثّل، ولعل هذه هي المشكلة الأبرز التي تمنع التوافق على قانون انتخابي منذ سنتين حتى الآن»، ويضيف: «إذا أحسنت القوى جميعها في اختيار الشعارات وإدارة الدفة والصدق في التعامل مع ناسها، فهذا كفيل بازدياد شعبيتها، أما إذا كان البعض يريد لشعبيته أن تزداد بالهيمنة والقنص والاستئثار، فلن يكون بمقدوره ذلك».
يؤكد القيادي نفسه أن «حزب الله» استطاع تقديم نموذج في لبنان، «نموذج له علاقة بالحركة الإسلامية ونموذج له علاقة بكونه جزءاً من الوطن. للمرة الأولى، يحصل أن حزباً إسلامياً ينفتح على أحزاب غير إسلامية، وبينها مَن هو علماني، وفي المقلب الآخر فكرياً وثقافياً، وينجح في إنجاز تحالف مبني على أسس سياسية ومصالح وقناعات مشتركة، وهذا الأمر ترجم من خلال العلاقة مع «التيار الوطني الحر»، والحزب القومي والحزب الشيوعي وحزب البعث وحزب الاتحاد وأحزاب وشخصيات أخرى من مشارب سياسية وفكرية وثقافية مختلفة، لكن توجد بينها قواسم سياسية مشتركة، أولها خيار المقاومة».
يتوقف القيادي عند العلاقة بين «حزب الله» و«التيار الحر» والتي تستند الى تفاهم أبرم بين الجانبين قبل عشر سنوات، ويقول إن العلاقة مع «التيار الحر» تجاوز موضوع المقاومة، من أجل البناء على قواعد ومشتركات وطنية فيها مصالح مشتركة للطرفين ولجمهورهما العريض، «وهذه التجربة بيّنت أن النموذج الإسلامي قادر على التفاعل مع قوى أخرى على قاعدة سياسات وقناعات مشتركة سياسياً».
على المستوى الداخلي، يشدّد القيادي على أن «حزب الله» لم يقف عند تشكيل أية حكومة أمام معادلة لحصص بقدر وقوفه على أهداف الحكومة وأولوياتها وأن تكون حكومة وحدة وطنية، «حتى أننا في يوم من الأيام، تخلّينا عن مقعد شيعي لمصلحة لمّ شمل البلد (مقعد إضافي للمسلمين السنة في حكومة نجيب ميقاتي لمصلحة فيصل كرامي)، وهذه لم تحصل في تاريخ لبنان الحديث، وعندما يُطرح موضوع التعيينات وما شابه، نحرص على معايير الكفاءة قبل الانتماء الطائفي أو المذهبي أو الاستزلام والمحسوبيات، ولذلك، نحمد الله أننا لم نشارك في تقاسم الجبنة وليس عندنا مقاولون ولا مشاريع إنتاجية ولا محتاجون أن نغرف من الوضع الداخلي».
يشير القيادي الى أن «حزب الله» قدّم تجربة فريدة من نوعها في الحس الوطني، «وهي أننا لم نجيّر نتائج نجاحاتنا في المقاومة في أي مكسب أو امتياز داخلي. بمعنى آخر، صار للمقاومة دور إقليمي ومكانة عظيمة تتجاوز لبنان، ولديها إمكانات ترعب العدوين الإسرائيلي والتكفيري، وهذا الرصيد لم نستثمره داخلياً، بل آثرنا منذ البداية وضع حد فاصل، بحيث نشتغل في الداخل اللبناني وفق القوانين الموجودة.. نربح أو نخسر في الانتخابات. هذه هي طبيعة النظام، من دون أن نزجّ المقاومة سواء في لعبة الانتخابات أو التوظيفات أو ما شابه».