IMLebanon

حزب الله” متفائل وأصحاب “المبادرة” “شكّاكون”!

لا يعتقد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المبادرة الرئاسية لزعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري قد أحبطت نهائياً بدليل قوله للنواب الذين يزورونه يوم الأربعاء من كل أسبوع كما في بيان صدر عنه أن “الرئاسة” صارت في “البرّاد” الآن أو بالأحرى كانت في البراد وانتقلت الآن إلى “الثلاجة”. لكنه أشار إلى أنها معرّضة “للنتن” والاهتراء. وهذا صحيح إذ أن حماوة المواقف المتناقضة منها أو ناريتها عند الأقطاب الموارنة الأربعة كما عند الأطراف السياسيين كلهم في لبنان قد تصيبها بالعفن. علماً أن العفن قد يصيبها أيضاً وهي في “الثلاّجة” أو حتى في “البرّاد” إذا انقطعت الكهرباء عنهما، والكهرباء هي طبعاً التفاهم والتوافق على رئيس يملأ الشغور في الموقع الدستوري الأول في الدولة.

طبعاً ليس هذا الأمر موضوع “الموقف” اليوم بل موضوعه الجواب عن سؤال يطرحه اللبنانيون وفي مقدمهم المسيحيون هو: ماذا بعد إحباط المبادرة الرئاسية؟ والحقيقة تشير إلى عدم وجود جواب واحد عنه في لبنان، بل أجوبة متناقضة تزيد من حيرة هؤلاء وتدفعهم إلى اليأس والتساؤل عن المصير. فجواب الذين أحبطوا “المبادرة الحريرية” كما ظهر من مواقفهم السياسية وتصريحاتهم وتسريباتهم للاعلام تفيد أن التطورات الإقليمية وخصوصاً في المناطق الملتهبة وفي مقدمها سوريا خلال الأشهر الـ18 أو أكثر للشغور الرئاسي لم تكن في مصلحة فريق 14 آذار اللبناني، ولا في مصلحة المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه ويحظى بدعمه المتنوّع. بل في مصلحة فريق 8 آذار والمحور الذي يواليه ويحظى بدوره بدعمه المتنوّع. وهذا الأمر دفع زعيم 14 آذار (هل يعني لها زعيم واحد؟) بالتوافق مع زعيم محوره الإقليمي المملكة العربية السعودية وحلفائه إلى تقديم تنازل أساسي تمثّل بقبول وصول أحد الصقرين المسيحيين العضوين في فريقه أي النائب سليمان فرنجيه الى رئاسة الجمهورية. والمعلومات المتوافرة عند زعيم 8 آذار تشير الى أن التطورات الإقليمية والدولية التي كانت في مصلحته ستتوالى خلال الأشهر الستة المقبلة. وأبرزها ميدانياً الإفادة القصوى من التدخل العسكري الروسي جواً ومعلوماتياً وأمنياً لاستعادة آخر معاقل “الإرهابيين” كما يسميهم في حمص، واستعادة القسم الذي يسيطرون عليه من مدينة حلب وتعزيز تقدمه في ضواحي دمشق المتنوعة بالاستيلاء على عدد من بلداتها وقراها. والإفادة في الوقت نفسه من الانخراط الإيراني المباشر وغير المباشر في الحرب السورية لمصلحة حليفه أي النظام. أما أبرزها سياسياً فهو استمرار رفض الرئيس الأميركي أوباما التورّط في الحرب السورية منذ بدايتها بدليل رفضه وضع أي استراتيجيا لمواجهة استمرارها أو لوقفها أو للحد من آثارها، وتفضيله إنهاءها بتسوية سياسية بحثت مع روسيا في عناصرها قبل بضع سنوات ثم اتفقت معها قبل أشهر قليلة على خطة لها وافق عليها مجلس الأمن بكل أعضائه. وهو أيضاً الوثيقة الخطية، وإن داخلية، التي وضعتها وزارة الخارجية والتي قبل بموجبها بقاء الأسد حتى نهاية 2017 موعد الانتهاء من الاتفاق على التسوية بموجب الخطة المشار اليها وربما الانتهاء من تنفيذها. هذا فضلاً عن عدم نجاح السعودية في حسم “حربها على اليمن” في رأي 8 آذار، وعن وجود إشارات وإن خفيفة حتى الآن عن وجود أميركا وإيران وروسيا في “حلف الضرورة” ضد الإرهاب أو بالأحرى تعاونها على نحو وثيق للقضاء عليه.

ومن شأن ذلك كله جعل 8 آذار بزعامة “حزب الله” قادراً على جعل التسوية في لبنان سواء للشغور الرئاسي أو “للقضية اللبنانية” كلاً في مصلحته على نحو شبه تام.

أما جواب أصحاب المبادرة الرئاسية فهو أن لا شيء حاسماً حتى الآن في موضوع التسوية السياسية للأزمة السورية. إذ لا يستطيع أحد أن يضمن بدء المفاوضات في موعدها في ظل الشروط المتبادلة بين النظام والمعارضة، ولا استغراقها وقتاً طويلاً. ولا أحد يضمن توقف الجهات الإقليمية المناهضة للأسد والداعمة لمقاتليه من إرهابيين وثوار عن مدهم بكل أسباب الدعم وخصوصاً بالأسلحة التي توقف التطورات الإيجابية في الميدان التي أحدثها التدخل الروسي. ولا أحد يضمن استمرار لبنان في استقراره النسبي الهشّ لأسباب عدة أهمها عدم وجود مظلة دولية فوقه خلافاً لأهام المحليين والسياسيين، بل دعوة لهذا الاستمرار وامتناعاً عن المساعدة العملية في حال توقفه. كما لا أحد يضمن عدم إنشغال العالم عن رئاسة لبنان بتطورات سلبية أخرى بل خطيرة في المنطقة وخصوصاً في اليمن والخليج.