بالطبع ما بعد «طوفان الأقصى» لن يكون كما قبله، وما بعد الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة ليس كما قبلها في الإقليم المقيم فوق صفيح ساخن.
معادلات جديدة للصراع ستخرج من تحت الركام وخلف الدخان، ومعالم المنطقة وتوازناتها لسنوات مقبلة ستتشكّل تبعاً لما ستنتهي اليه هذه المواجهة التي رسمت خطاً فاصلاً بين مرحلتين.
ولبنان يمثل بالتأكيد إحدى الساحات التي ستشملها مفاعيل المعادلات والقواعد المترتبة على حصيلة الحرب، بل لعلّه سيكون الأكثر تأثراً بها وتأثيراً فيها، انطلاقاً من كونه يشكّل جبهة متقدمة أثبتت حضورها وفعاليتها في المواجهة عبر الدور العسكري لـ«حزب الله» على الحدود وما بعدها.
وهناك في اوساط 8 آذار من يعتبر انّ من بين مفاعيل العدوان على غزة، هو انّ سلاح المقاومة في لبنان يجب أن يصبح خارج النقاش، وان يُسحب كلياً من التداول، بعدما اثبتت الحرب الحالية، ليس فقط انّ الحاجة اليه لم تنتف وحسب، بل لعله أصبح ضرورياً اكثر من اي وقت مضى.
وتلفت الأوساط الى انّ كل من يصرّ على الاستمرار في المطالبة بنزع السلاح او تسليمه، بعد المحرقة الإسرائيلية في غزة، انما سيثبت انّه يعاني من قصور سياسي ومصاب بعوارض الإنكار للواقع والحقائق.
وتشدّد اوساط 8 آذار على أنّ حرب غزة غير المسبوقة في همجيتها عزّزت شرعية سلاح «حزب الله» ووظيفته في حماية لبنان، وأظهرت بوضوح تام انّ اي ضمانات أخرى لا يمكن الركون اليها بتاتاً.
وتلفت الاوساط إيّاها إلى انّ الأمم المتحدة التي يدعو البعض إلى الاحتماء بها والاتكال عليها للدفاع عن السيادة، كشفت مرة أخرى ضعفها وعجزها عندما تجاهل الكيان الاسرائيلي وحليفه الأميركي بالكامل قراراً اصدرته هذه المنظمة الدولية بأكثرية نحو 120 دولة، ويطلب وقف إطلاق النار الفوري في غزة، فإذا بالقرار وكأنّه لم يكن اصلاً.
وتشير الاوساط الى انّ كيان الاحتلال لم يتحمّل مجرد تصريح للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، اعتبر فيه انّ هجوم «حماس» في 7 تشرين الجاري لم يأتِ من فراغ، إذ ارتفعت على الفور اصوات اسرائيلية تهاجمه بعنف وتدعوه الى الاعتذار، فقط لانّه أدلى بموقف متمايز ينطوي على حدّ أدنى من الموضوعية.
وتلفت الاوساط نفسها إلى انّ من يعوّل في الداخل على صداقته مع أميركا لحماية البلد من المخاطر الإسرائيلية، يجب ألاّ تفوته حقيقة انّ واشنطن هي التي لا تزال ترفض وقف إطلاق النار في غزة، وهي التي تشارك في إدارة العمليات العسكرية لقوات الاحتلال وتحديد أسقفها الميدانية والسياسية، بعدما كانت قد ارسلت حاملة الطائرات الى المتوسط وفتحت مخازنها لمدّ تل أبيب بما تحتاجه، فكيف يمكن بعد كل ذلك اعتبارها ضمانة للبنان؟
أكثر من ذلك، تلفت الاوساط الى انّ حرب غزة رسّخت حاجة «حزب الله» إلى وجود رئيس حليف وموثوق في قصر بعبدا، لا يطعن المقاومة او يساوم عليها، وبالتالي فإنّه عندما يعود الإهتمام بملف الاستحقاق الرئاسي، لا بدّ من ان تلفحه نتائج الحرب والعبر المستقاة منها.