لست مع الحلف الاطلسي ولست مع روسيا، بل أميل الى الاتحاد الاوروبي نظرا لدوله لـ26 الديموقراطية، والتي تحافظ على حقوق الانسان. اردت هنا ان اضع مقدمة حول الحرب الروسية على اوكرانيا، حول حرب بين دولة هي روسيا الاتحادية ومساحتها اكثر من 26 مليون كيلومتر مربع وبين اوكرانيا ومساحتها 622 الف كيلومتر مربع، وبين الجيش الروسي تعداده مليوني جندي وبين الجيش الاوكراني عديده 250 الف جندي. شنت روسيا حربا على اوكرانيا، لان الحلف الاطلسي وصل الى حدود روسيا من خلال اوكرانيا، لكن روسيا بالغت في التدمير وفي استعمال القوة وضرب البنية التحتية في كامل الاراضي الاوكرانية ضربا لم يشهده التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية.
انما الملفت للنظر، ان اوكرانيا قاومت مقاومة بطولية في وجه احد القطبين في العالم، عنيت بهما الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية، ولقد ابدعت اوكرانيا في القتال غير المتكافئ نتيجة الحرب الروسية عليها وكل ما تنازلت عنه هو اعلانها انها لا تريد الانضمام الى حلف الناتو اي الحلف الاطلسي. عشرة ملايين اوكراني تم تهجيرهم الى الدول المجاورة ما عدا روسيا وبيلا روسيا، وهجروا من بيوتهم التي عاشوا فيها الى بيوت غريبة عنهم، انما الدفء الاوروبي استقبلهم وساعدهم جدا، عاطفيا ومعنويا واخويا، ومع ان الطائرات الروسية كانت تقصف ليلا ونهارا وتدمر القواعد العسكرية للجيش الاوكراني، فاوكرانيا صمدت صمودا كبيرا مع ان جيشها غير قادر على مقاومة الجيش الروسي. وقد دمر الجيش الروسي اكثر من 9 الاف مركز عسكري ومدني تابع للجيش الاوكراني على كامل الاراضي الاوكرانية، لكن الجيش الاوكراني لجأ الى المقاومة والسلاح الذي امتلكه، ومن يتحدث في لبنان عن السلاح وعن المقاومة يجب ان يأخذ عبرة من اوكرانيا كيف دافع جيشها وكيف دافعت المقاومة الاوكرانية في وجه الجيش الروسي.
انما لسلاح المقاومة الذي جعل من اوكرانيا قلعة صمود وألحَقَ بالجيش الروسي خسائر كبيرة رغم تفاوت القوة بين روسيا واوكرانيا ولم يستطع الجيش الروسي حسم المعركة، وانتظر العالم كله ان تسقط اوكرانيا خلال اسبوعين فاذا بها تصمد حوالى 40 يوما وما زالت تصمد حتى هذه اللحظة وكل ذلك بفضل سلاح المقاومة الذي عندها. انا لست مع اوكرانيا سياسيا ولا اريد الدخول في المفاضلة بين روسيا واوكرانيا، رغم انني املك ملاحظات على المسيرة الروسية في سوريا، حيث ان روسيا تملك اكبر قاعدة بحرية حربية بأسطولها على البحر الابيض المتوسط في مدينة طرطوس السورية كما تملك ايضا اكبر قاعدة جوية على البحر الابيض المتوسط قرب اللاذقية على الشاطئ السوري، ومع ذلك تحلق الطائرات الاسرائيلية وتقصف اسبوعيا واحيانا يوما بعد يوم مراكز في سوريا. والسؤال هو الا تستحق سوريا التي قدمت القاعدتين البحرية والجوية لروسيا ان تحصل على حماية روسيا جواً وان تطلب روسيا من العدو الاسرائيلي ألا يقوم بغارات ويقتل مجاهدين وجنود سوريين ومستشارين ايرانيين كما يضرب مراكز في البنية التحتية لسوريا، فيما الطائرات الروسية جاسمة في قاعدة حميميم قرب اللاذقية وتملك القاعدة البحرية الكبرى في طرطوس وتملك صواريخ «400S» المضادة للطائرات وهي احدث نوع لاسقاط الطائرات التي تقوم بغارات جوية بارتفاع 0 الى ارتفاع 70 الف قدم.
لكن اعود الى سلاح المقاومة، ما يحصل بين روسيا واوكرانيا يشبه كثيرا ما حصل في لبنان مع العدو الاسرائيلي وقواه البرّية ومدرعاته حيث كانت الطائرات الاسرائيلية العدوة تقصف اي نقطة تريدها في لبنان والجيش اللبناني لا يملك صواريخ مضادة للطائرات لمنع الغارات، كما ان الدبابات الاسرائيلية كانت تتنزه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي داخل الاراضي اللبنانية دون ان يردعها احد، لانه ويا للاسف لم تقم الدولة اللبنانية بصرف الموازنات الضرورية لبناء جيش قوي، فكان ان نشأت المقاومة اللبنانية من شعب لبنان وحصلت على صواريخ من ايران وبات الطيران الاسرائيلي لا يقوم بأي غارة على الاراضي اللبنانية لان العنوان الاساسي هو ان اي طائرة عدوة اسرائيلية تقوم بغارة على لبنان سترد المقاومة بصاروخ على تل ابيب العاصمة التجارية والعسكرية للعدو الاسرائيلي. ولنعد الى اوكرانيا وروسيا، لقد الحقت اوكرانيا عبر مقاومتها اكثر من 3 الاف ما بين قتيل وجريح في صفوف الجيش الروسي وسقط لها كما يقال انه حوالى 7 الاف ضابط وجندي اوكراني مع ان الاعداد غير موثوقة، لانه لم يصدر بيانات رسمية في روسيا واوكرانيا يحدد العدد النهائي في المعارك الحاصلة. رئيس اوكرانيا قال لبوتين رئيس روسيا، اذا هاجمت العاصمة كييف فان ذلك يعني انتحار للجيش الروسي، وقاوم الجيش الاوكراني في كل المدن مع ان 6 ملايين اوكراني تهجروا داخل اوكرانيا من مدينة الى اخرى رغم القصف العنيف، فيكون مجموع المهجرين في اوكرانيا التي عددها تقريبا يفوق الـ 40 مليون، 16 مليون مهجر، 10 مليون الى الدول المجاورة و 6 مليون مهجر داخليين في داخل اوكرانيا. اريد ان اقول ان المقاومة وسلاحها هي الضمانة لسيادة وعزة نفس اي شعب لا يرضى بالاعتداء عليه ويتفرج عليه، وحرب روسيا على اوكرانيا هي اكبر مثال، كما ان حرب المقاومة في لبنان هي المثال الممتاز لما نقول، حيث الحقت بالعدو الاسرائيلي الهزيمة سنة 2000 وألزمته بالانسحاب من احتلاله للشريط الحدودي مهزوما، وانتصرت المقاومة انتصارا كبيرا، وها هو جنوب لبنان يعيش ايام عزّ الان ولا يتجرأ أي جندي اسرائيلي على الدخول مترا واحدا او شبرا واحدا داخل الاراضي اللبنانية.
واريد ايضا ان اعطي مثالا آخر، هو انتصار حرب 2006 حرب تموز حيث قام العدو الاسرائيلي بشن حرب كاملة على لبنان وفرض الحصار الجوي والبحري والبري، الا انه بعد 33 يوما ورغم ان الولايات المتحدة كانت تدعمه لم يستطع تنفيذ حربه والغاء المقاومة، بل الذي حصل هو ان المقاومة اللبنانية التابعة لحزب الله هي التي ردعته وهزمته والحقت به خسائر كبرى، وكل ذلك بفضل شجاعة وتضحيات المجاهدين والشهداء، والمهم ان المقاومة كانت تملك اسلحة قادرة على تدمير دبابات العدو الاسرائيلي ما سمي بمجزرة الدبابات التي الحقتها المقاومة بدبابات ميركافا وآلياته وملالاته الاسرائيلية.
سلاح المقاومة هو اكثر من ضروري للبنان من دونه تعتدي علينا اسرائيل بكل سهولة وبوجوده تعيش اسرائيل الردع والخوف من سلاح المقاومة وشجاعة المجاهدين وتضحياتهم.
اخيرا اقول نعم لسلاح المقاومة انه فخرنا، انه السلاح الضروري لردع العدو الاسرائيلي انه سيف الفصل بين دولة مثل العدو الاسرائيلي تملك اسلحة ويعتبر جيشها من اقوى الجيوش حتى في اوروبا وبين المقاومة الشجاعة والكاملة ببطولاتها واكبر شهادة على ذلك ان العدو الاسرائيلي منذ حرب 2006 لم يتجرأ على القيام بغارة واحدة على الاراضي اللبنانية كما كان يفعل سابقا.
ليحيا لبنان حرّا سيّدا قوّيا بجيشه اللبناني وبمقاومته وشعبه الواعي بقوة سلاح المقاومة، وكل حملات التشهير ضد سلاح المقاومة لا تفيد، لان المبدأ ان قوة لبنان في ضعفه جرّبه لبنان واتى عليه بالويلات.