IMLebanon

«حزب الله» إلى أين؟

مع وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة، وبعد الترحيب العربي والدولي بموقعه الجديد، بات تحالفه مع «حزب الله» نقطة الضعف الأمثل للاستهداف. وصار من السهل على معارضيه تكرار مقولة أن الوصول إلى بعبدا ما كان ليتم لولا فائض القوة المتزايد عند الحزب «حليف إيران» المتمدد خارجياً، وغير القادر على التلطيف من حدة نفوذه في لبنان بعد وصول حليفه الأول إلى الرئاسة. علماً أن الحزب لم يكن لينجح في إيصال مرشحه الى بعبدا، لو كان هذا المرشح هو غير ميشال عون.

القوة الفائضة تجاوزت حدود الإطار التقليدي بعدما انتهى السباق الرئاسي الى المرشحين الأقرب للحزب، ميشال عون وسليمان فرنجية بتسليم واضح من أخصامهما. واليوم يبقى العهد بتحالفاته وتفاهماته، أمام اختبار مصداقية يحدد نجاحه أو فشله.

ميشال عون رسم الخطوط العريضة لرئاسته في خطاب القسم الذي أجمعت مختلف الكتل السياسية على الترحيب به باعتباره مساحة تلاقٍ مشتركة في ما بينها. ونجح الرئيس سلفاً في تجاوز الفخاخ الموضوعة لاستمرار علاقته الجيدة بالمقاومة من موقعه كرئيس للجمهورية المختلف عن موقعه كزعيم لتيار سياسي. فما يعني «حزب الله» والعهد في المقام الأول سياسة لبنان الخارجية. وهنا طالب رئيس الجمهورية بإبعاد لبنان عن «الصراعات الخارجية، ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي». وتقول المادة المذكورة: «تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها».

الخطاب لم يتطرق إلى مسألة السلاح بصورة مباشرة مع تأكيده على حق لبنان بمقاومة الاحتلال وبحماية نفسه وتحرير باقي الأراضي المحتلة. وتعهد بالتعامل مع «الإرهاب استباقياً وردعياً وتصدياً، حتّى القضاء عليه». هنا أخذ الحزب بالسياسة ما يكفي لتحديد السقف اللازم لدوره، وشرعنة سلاحه في الساحتين اللتين يعمل فيهما: المقاومة ومكافحة الإرهاب. في المقابل ماذا سيقدم «حزب الله» للعهد الجديد؟

ما يعني اللبنانيين من خطاب القسم تعهدُ الرئيس تعزيز الميثاق والعيش المشترك، وهذا تحصيل حاصل. الأمر الأساس هو عودة السيادة إلى القانون والقضاء وعودة الروح إلى مكافحة الفساد أفقياً وعمودياً. العماد عون دعا الى تشكيل هيئة تكافح الفساد. وللبنانيين تجارب سيئة في هذا الخصوص، آخرها في عهد الرئيس الأسبق إميل لحود الذي احتواه النظام وحول حربه على الفساد إلى معارك كيدية قصيرة النفس. وما يعني اللبنانيين أيضاً، قانونُ الانتخاب النسبي، وتحرير الإدارة من المركزية، وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد بشراكة بين «القطاعين العام والخاص». هنا لا يستطيع «حزب الله» الاستمرار بالنأي بنفسه في السياسة الداخلية متموضعاً بصومعة المقاومة. لنجاح العهد، وهذا ما يستحقه اللبنانيون، لا بد من انخراط وطني أوسع خلف هذه العناوين. ومثلما كان انتخاب الرئيس صناعة لبنانية تبناها الخارج لاحقاً، يستطيع «حزب الله» الانخراط في الجهاد الأكبر جهاد الإصلاح الداخلي، ويزيل عنه وعن حلفائه أي شبهة في الولاء، إن وجدت.