IMLebanon

«حزب الله» سيواجه ترامب مدعوماً بعون والحريري!

من الخطأ تصوير «حزب الله» قلِقاً جديّاً من وصول دونالد ترامب إلى السلطة، ومن الخطأ أيضاً القول إنه في وضعية الاطمئنان تماماً. إنه فعلاً في وضعية التحسُّب استعداداً لعهد سيتعايش معه أربع سنوات. ولذلك، هو يجهِّز «العدّة اللبنانية» لتمرير المرحلة بأقلّ الأضرار، بل بتحقيق ما يمكن من أرباح. واللافت أنّ «الحزب» لم يكن يخفي، خلال الحملة الانتخابية الأميركية، تفضيله ترامب على كلينتون!

المتوقَّع في أوساط «حزب الله» أن لا يكون كلام المرشَّح ترامب على إيران و»حزب الله» والقرار 1559 هو إيّاه سلوكه كرئيس. ففي الحملات الانتخابية كثير من الإثارة وقليل من الواقعية. وأمّا في الممارسة السياسية فقليل من الإثارة وكثير من الواقعية.

والاعتقاد الغالب هو أنّ الرجل سيجري تسوية بين خطابه الانتخابي وسلوكه الرئاسي في ما يتعلق بملف العلاقات مع إيران وحلفائها في الشرق الأوسط. كما أنّ لـ»حزب الله» خصوصيته المستندة إلى خصوصية الحالة اللبنانية، ونظرة ترامب إلى هذه الحالة.

عناصر سياسة ترامب الشرق أوسطية ترتكز إلى الآتي:

– أولوية أمن إسرائيل ومصالحها، ومن هنا ستكون أولى خطواته نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس.

– محاربة إرهاب «داعش» ورديفاتها، فهو يرى أنّ على القوى الإقليمية المتضررة من الإرهاب أن تقوم بدورها.

– التفاهم الوثيق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وخصوصاً حول الملف السوري.

– وقف تمدُّد إيران الإقليمي، ومواجهة التنظيمات الحليفة لها، ولا سيما منها «حزب الله»، والتي يعتبرها ترامب جزءاً من الإرهاب العالمي. وإعادة النظر في الاتفاقات معها.

– الحفاظ على دور واشنطن وحصتها في الشرق الأوسط وثرواته، ولا سيما منها النفط، إضافة إلى سوق الأسلحة، من دون الانخراط ميدانياً ودفع الأثمان كما حصل في عهود سابقة.

– ينظر ترامب إلى لبنان، بتأثير فريقه الذي يضمّ لبنانيين ومنهم مستشاره الدكتور وليد فارس، على أنه بلد مميَّز في الشرق الأوسط ومتنوّع ثقافياً، وأنه من المفيد الحفاظ على هذه الخصوصية التي تصونها مبادئ الحرية والديموقراطية لكلّ مكوناته. وهو يرى ضرورة استكمال تنفيذ القرارات الدولية ذات الشأن، ومنها 1701 و1559.

هذه الأفكار دخلت تحدّي التطبيق العملي بدءاً من 20 كانون الثاني. ويعتقد عدد من الخبراء في الشأن الأميركي أنّ ترامب سيُتاح له تحقيق أجزاء مهمّة منها، فيما تبقى أجزاء أخرى ضمن المسار الذي أرساه سلفه باراك أوباما.

في العلاقة مع إسرائيل، وفيما العرب غائبون عن الوعي، ستتمكن الولايات المتحدة من تكريس القدس عاصمة لإسرائيل وستدعم الاستيطان، وستتدفق المساعدات التي طالب بنيامين نتنياهو بزيادتها، وسيكون المفاوض الفلسطيني أمام تحدّيات مصيرية.

وفي الملف السوري، سيكون ترامب في موقف صعب. فهو سيطالب بمواجهة «داعش» في سوريا والعراق، والتنسيق مع بوتين في ما يتعلق بمصير الرئيس بشّار الأسد. وهذا يقود عملياً إلى تكريس استمراره في السلطة. وبناء على ذلك، يرتسم الدور الإيراني في المعادلة.

فالدعم الإيراني أساسي لبقاء الأسد، في موازاة الدعم الروسي. وسيسعى ترامب إلى تسوية سياسية في سوريا تسمح بالقضاء على الإرهاب ووقف تدخّل إيران وعودة «حزب الله» إلى لبنان. لكنّ المأزق يكمن في تشابُك المصالح في سوريا وتعثّر التسوية السياسية.

وتتحسَّب إيران لكباش مع ترامب ومحاولاته إسقاط مفاعيل الاتفاقات معها، بدءاً باتفاق فيينا. فهو يعتبر أنّ الاتفاقات راجحة لمصلحة إيران. ولكنّ الخبراء يعتقدون أنّ ترامب قد يتوصّل واقعياً إلى تعديل بعض الاتفاقات وليس تصويبها.

أمّا «حزب الله» فسيتعرض لضغوط بهدف دفعه إلى الانسحاب من سوريا وتنفيذ القرار 1559 القائل بنزع سلاحه. وهاتان هما النقطتان اللتان يتحسَّب «الحزب» لمواجهتهما عن طريق التحصّن بالدولة، وبالقوى الداخلية، وتحديداً رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري.

وعلى الأرجح، سيراعي «الحزب» عون والحريري في كل ما يريدانه سياسياً. فبعد الليونة التي أبداها في ولادة الحكومة، سيراعيهما في قانون الانتخاب وتوزيع الحصص ليشجعهما على القيام بالدور الذي يحتاج إليه:

السعي لدى الولايات المتحدة والأوروبيين والسعوديين لإقناع الجميع بأنّ «حزب الله» ليس إرهابياً وأنه جزء من اللعبة الديموقراطية في الداخل، وأنّ سلاحه لا يستخدم في الداخل، وأنه شريك في ضرب الإرهابيين في لبنان وسوريا، وأنّ حربه السورية لا تهدّد الاستقرار اللبناني.

إنه التاريخ يعيد نفسه. في 2005 اضطلع الحريري والنائب وليد جنبلاط بهذه المهمة دفاعاً عن «حزب الله» في وجه الصقر الجمهوري السابق، جورج بوش الإبن، الذي كان محرِّك «ثورة الأرز» ووقودها. وقد اقتنع الأميركيون والأوروبيون والسعوديون آنذاك بمطالب حلفائهم في «14 آذار»: «أتركوا لنا «حزب الله». نحن سنجذبه إلى «الحالة اللبنانية»!

يبدو أنّ «حزب الله» ينجح اليوم مجدداً في تحويل أركان الدولة رُسلاً لـ»تبييض صورته» في واشنطن والرياض وسواهما. وسوى ذلك، لن يبقى من أفكار ترامب «الطموحة» للبنان سوى السير بما قام به أوباما، أي المضيّ في تجفيف التمويل، بالتضييق على عمليات التبييض والتهريب العالمية، خصوصاً بعدما وَطَّد ترامب علاقاته مع جهاز الاستخبارات المركزية.

لن يتهاون ترامب في أمن الولايات المتحدة الاجتماعي والمالي، ولكن ما الذي سيدفعه إلى مواجهة «حزب الله» وسلاحه في الداخل اللبناني، إذا كان «القاضي راضي»؟