«في الأمتار الأخيرة نحو إعلان الحكومة العتيدة تعقدت مجدداً بين ليل أول من أمس وقبل ظهر أمس، بعد أن حلّت العقدة الكبرى المتعلقة بتمثيل حزب «القوات اللبنانية».
هكذا لخص مصدر منغمس في تفاصيل اتصالات الساعات الأخيرة لمعالجة لتسهيل إعلان الحكومة لـ «الحياة» ما حصل قائلاً: «يبدو أن «حزب الله» وحلفاءه أدركوا منذ ليل الأحد أن هناك اتجاها لدى حزب «القوات اللبنانية» للمشاركة في الحكومة، على رغم اعتراضه على الحقائب التي أسندت إليه، فبعثوا بالرسالة القائلة إن لا حكومة من دون تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة، وأرفق الحزب الرسالة بأخرى للرئيس المكلف سعد الحريري بأنه لن يسلم أسماء وزرائه الثلاثة الذين سيمثلونه في التشكيلة الوزارية، إذا لم يضمن أن الحريري موافق على أن «اللقاء التشاوري» للنواب السنة الستة ممثلين في هذه التشكيلة بأحد الوزراء، بحيث لا تصدر مراسيم الحكومة في هذه الحال من دون وزراء الحزب». واعتبر المصدر أن الحزب يمسك بالحكومة رهينة حتى تتم تلبية مطلبه.
ويشير المصدر إلى أن الحريري كان أبلغ «حزب الله» مباشرة وعبر وسطاء بأنه لن يقبل بتوزير أحد النواب السنة الستة الحلفاء للحزب وسورية، من حصته الوزارية 5 وزراء سنة وواحد مسيحي بادله بالسني السادس مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أراده من حصته. وكرر الحريري القول إنه إذا كان من إصرار على توزير أحد النواب السنة الحلفاء لقوى 8 آذار «فليبحثوا عن غيري لتشكيل الحكومة». فالحريري «لا يريد التسليم بمعادلة اختراق ساحته».
ويضيف المصدر: «في كل الاتصالات التي كانت جارية لحلحلة عقدة «القوات»، وحين طرح تمثيل سنة 8 آذار مجدداً كرر الحريري الموقف نفسه، معتبراً أنه لن يقبل بهذا النوع لاختراق ساحته، وأن معظم هؤلاء النواب أعضاء في كتل نيابية ستتمثل في الحكومة، وكان الأمر يقف عند هذا الحد، ولم يطرح «حزب الله» عليه شرطه الذي رفعه بالأمس عن أنه سيمتنع عن إعطاء أسماء ممثليه في الحكومة، ما يعني عرقلة صدور مراسيم التأليف».
وقال المصدر إنه حتى بعد ظهر أمس لم يكن أي من الفرقاء الرئيسيين قد سلم الحريري أسماء الوزراء الذي سيتولون الحقائب التي تم الاتفاق عليها، لا الرئيس عون و «التيار الوطني الحر» ولا الرئيس بري ولا «حزب الله»، باستثناء «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي سمى النائب أكرم شهيب للتربية والنائب وائل أبو فاعور للصناعة، و «تيار المردة» الذي رأسه سليمان فرنجية والذي سمى الوزير الحالي يوسف فنيانونس للأشغال، وأصر عليه بعدما طلب رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل على استبعاده.
وأوضح المصدر لـ «الحياة» أن الأجواء كانت مختلفة عند لقاء الحريري رئيس البرلمان نبيه بري أول من أمس، حيث لم يطرح الموضوع، على رغم أن الرئيس بري لم يسلم بدوره أسماء الوزراء الذين سيمثلون كتلته النيابية وحركة «أمل» في الحكومة.
ورأى المصدر أن هذا الموقف من الحزب طرح السؤال عن موقف الرئيس عون في هذه الحال.
الأمر عند عون
وذكر المصدر أنه إذا كان هناك إصرار على صدور الحكومة اليوم أو غداً في ظل استمرار الحزب على موقفه، فإن الأمر بات يتوقف على موقف الرئيس عون. فهل هو على استعداد لإصدار مراسيم التأليف من دون أسماء وزراء «حزب الله» أي بإصدار الحكومة ناقصة على أن تجري معالجة الأمر لاحقاً، أو أنه سيقبل بأن يسمي أحد نواب 8 آذار وزيراً من حصته (5 وزراء) بدلاً من أن يسمى من حصة الحريري، أو أنه كما يتردد بأن يكون البديل لتسمية وزير من النواب الستة الأعضاء في «اللقاء التشاوري» من حصته على أن يتم ضم وزير شيعي إلى حصته يحسم من حصة «حزب الله»؟
وانتظر الوسط السياسي الضيق لقاء الرئيسين لمعرفة الأجوبة عن هذه الأسئلة، مع أن الأوساط المطلعة على موقف الحريري أوضحت أنه حين تخلى لعون عن وزير سني لم يقم بذلك من أجل التصرف بهذا التنازل وفق هذه الصيغة. لكن مصادر في قوى 8 آذار قطعت الطريق على الخيار الأخير، وأعلنت بعد ظهر أمس أن لا مبادلة بين وزير سني وبين أحد الوزراء الشيعة الثلاثة الذين سيسميهم «حزب الله».