تورّط «حزب الله» في جرائم ضد الإنسانية لم يعد يحتاج إلى دليل ولا إلى مشاهد موّثقة تُثبت حجم تورّطه هذا، فها هي صورة الطفل الغارق تحت براميل بشّار الأسد المُتفجّرة تُزيد من مآزق الحزب الذي تُحاصره دماء الاطفال منذ حمزة الخطيب وصولاً إلى آخر طفل سرقه القتل من حضن أمه.
تحوّل قتل الأطفال في سوريا إلى مشهد مألوف لدى «حزب الله» وقيادته وإلى مشهد اعتيادي لا يستأهل من أمينه العام السيد حسن نصرالله فرد جزء صغير من خطاباته المُتكرّرة للتحدث عن واحد من أربعة آلالف طفل قتلهم النظام السوري حتّى اليوم في الوقت الذي يجد كل الأوقات لإطلاق وعيده وتهديداته باتجاه من يُعبّرون عن آرائهم بالكلمة فقط لجهة تدخّله في الحرب السوريّة، ما يجعل من الحزب شريكاً فعلياً بدم كل طفل يسقط ومسؤول عن إراقته سواء من السوريون او من الذين يُرسلهم هو للموت هناك تحت اسم «الواجب الجهادي«.
هي صورة هزّت العالم كلّه ولم تُبقي دمعة في عين إلّا واخرجتها فيما وحده «حزب الله» كان غائباً عن المشهد حيث كان إعلامه الحربي متلهيّاً بتصوير مشاهد لعناصره معطوفة على خدعات بصريّة فنيّة مُقتبسة عن أفلام «الأكشن» قال إنّ أحداثها تدور في جرود عرسال والقلمون السوريّة وكان التركيز فيها على عودة إحياء اسم «المقاومة» واستعادت زمنها، وهذا ما تبيّن من خلال العبارات والكلمات المرافقة لعمليات التسجيل والتي استبدل فيها اسم «حزب الله» برجال «المقاومة» بعدما تحوّل الاسم إلى عنوان لميليشيا لا تمتهن سوى القتل والتنكيل وبث الرعب في قلوب الأمنين.
يُدرك «حزب الله» أن للأطفال ذاكرة من الصعب محوها، ومن هنا هو يخشى أن يكبر أطفال سوريا ذات يوم ويكبر معهم الحلم في الانتقام ممن شرّدهم وقتلهم وجعلهم أيتاماً في حياة كان يُفترض ان تأخذهم بين ذراعيها وأن تعبر بهم إلى عالم يصنعون فيه أحلامهم وأمنياتهم الصغيرة. والحزب أعلم أيضاً وأخبر بأهميّة التعويل على عقول الأطفال لجهة توجيهها وزرع الأحقاد فيها وجعلهم يُلاحقون السنوات ويكبرون بهدف الإنتقام وهو الذي يعمل على تربية جيل بكامله ضمن هذه الإستراتيجية الخطيرة ومن هنا يتأكد أسباب الصمت الذي يُبديه حيال قتل الأطفال السوريين.
جرائم الحلفاء بالنسبة إلى «حزب الله» تبقى دائماً بحاجة إلى براهين وأدلّة وتبقى برأيه من باب الدعاية الإعلاميّة التي يبثها «الخصوم»، لكن هل تساءلت قيادة الحزب يوماً عن الفرق بين مقتل الطفل محمّد الدُرّة الذي قضى برصاص إسرائيلي أثناء احتمائه في حضن والده وبين صورة حمزة الخطيب مرفوعاً على لوح خشبي وآثار التعذيب واضحة على جسده الطري. وهل تساءلت أيضاً عن الفرق بين صورتي طفلة سيارة «المنصوري» في جنوب لبنان المُمد رأسها خارج نافذة السيّارة وبين الطفل السوري المقتول ببراميل الأسد المتفجّرة في الصورة اعلاه؟ يبدو أن ميزان مقتل الأطفال بالنسبة إلى «حزب الله» بات يخضع إلى عمليّة حسابيّة تقوم قاعدة: على أطفال معنا وأطفال علينا.
ولكن ومع كل هذا التورّط، يبقى هناك سؤال سيظل يُلاحق «حزب الله» من الآن حتى عودته إلى رُشده الوطني، ماذا سيتبقّى منه في لحظة حقيقية في الوجدان المُقاوم مع كل هذا التورط الارتزاقي على أراضٍ حوّل زرعها وبساتينها إلى مقابر جماعية لا ينبت تُرابها سوى روائح الموت، وحوّل أطفالها الى ثائرين يُطالبون بالاقتصاص من قاتلهم وقاتل أهاليهم.