IMLebanon

تفاصيل ما جرى قبل لقاء حزب الله مع جنبلاط وبعده

 

أحببته أو كرهته… انه وليد جنبلاط السياسي الذي يلتقط أية إشارة خارجية ويجيّرها لمصلحته حتى لو اضطر الى مصافحة ألد أعدائه… لكن هذه المرة، مدَّ يده الى حزب الله لم يكن وليد اللحظة الإقليمية التي تربك كل العالم وليس البيك وحده… ليس سرّا ان جنبلاط كان يريد إعادة وصل الجسور مع الضاحية منذ مدة، لكن حينها لم يكن الرجل قادرا على المجاهرة بذلك، وأبقى سرّا على شعرة معاوية معهم من خلال وزيره غازي العريضي… طبعا لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيدا عما يدور في خلد جنبلاط، هذا إذا لم يكن بري قد شفع للرجل عند حزب الله.

ad
قبل ما يقارب الثلاثة أسابيع، طلب جنبلاط لقاء حزب الله، حينها كان عذر الحزب ان شهر محرم على الأبواب ولننتظر، المفاجأة ان موافقة الحزب على اللقاء لم تتم إلا بعدما طلبه البيك جهارا قبل أيام قليلة في مقابلة تلفزيونية، يمكن التكهن هنا ان اللقاء جرى وفق روزنامة الحزب وتوقيته وقواعده.
ما علينا، بعد الاستدارة المفاجئة لجنبلاط والتي فاجأت حلفائه قبل خصومه، دخل الجميع في دوامة أسئلة لا تنتهي حول أهداف الرجل وما يريده من إعادة تجديد علاقته مع الحزب ، وهل بات بمقدوره فجأة اللعب خارج الدائرة العربية والقفز فوق عصا العقوبات الأميركية…

ولكن، ربما غاب عن بال المتفاجئين كما العارفين بخطوة جنبلاط أسئلة جوهرية: ماذا سيربح جنبلاط إذا لم ينفتح على حزب الله؟ وهل فتح جبهة مع الحزب أفاده قبلا وهل يفيده ويفيد وضع الدروز في لبنان وسوريا الآن ومستقبلا؟ وهل يستطيع وريثه تيمور السير في اللعبة الداخلية إذا كان والده على عداء مع حزب الله؟… أكثر من ذلك، يقول العارفون والمقرّبون من جنبلاط انه حين سأله أحدهم عن سبب طلبه اللقاء مع حزب الله أجاب حرفيا: «كون مش على مشكل مع الجماعة أحسن ما كون على مشكل معهم».
قد يكون هناك مئات التحليلات حول أهداف الاستدارة الجنبلاطية والتي يحتفظ جنبلاط لوحده بالإجابة الحقيقية عليها، ولكن ما يهم اليوم ليس ما قام به جنبلاط بل ما سيترتب على استدارة الرجل في رسم المشهد الرئاسي ومرحلة ما بعد اتفاق ترسيم الحدود سواء سلما أو حربا… نقطة انتهى…
وعليه، قد يخطىء جنبلاط كثيرا إذا تمنّى توسيع أحلامه التفاوضية خارج ملفي الرئاسة وترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة أي صوب: سلاح حزب الله أو الملف السوري أو أي «شطحة» جنبلاطية تتعلق بترسيم الحدود مع سوريا أو مسالة إعادة وصل ما انقطع معها عبر نجله تيمور والذي يبدو انه يغرّد خارج سرب مخططات والده سواء الداخلية أو الخارجية…
إنطلاقا من هنا، فان الحزب الذي قابل مد اليد الجنبلاطية بأحسن منها، يبدو مستعدّا وفقا لأحد قيادييه لترتيب علاقته مع جنبلاط بما يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين.
وفيما يبدي الحزب ليونة لوضع كل الملفات الخلافية على الطاولة لمناقشتها والخروج بحلول للأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية التي تعصف بلبنان، يبدو ان الطرفين وفقا لمعلومات موثوقة ذاهبين الى الاتفاق على «ورقة تفاهم سياسية شاملة» غير مكتوبة، وان هناك توجها واضحا لإبقاء الحوار مفتوحا بينهما على أعلى المستويات، على أن يبدأ بمسألة الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية، ووفقا للمعلومات فان جنبلاط ليس مستعدّا للسير بأي مرشح محسوب على فريق بعينه وهذا تحديدا يعني عدم موافقته على تأييد وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى بعبدا، بل يبحث عن مرشح وسطي وتوافقي وهو ما أبلغ به وفد الحزب.
هنا، ربما قد يكون للحزب وجهة نظر أخرى تقول بأن الوقت والمفاوضات كفيلة بالتفاهم مع جنبلاط حول مرشح رئاسة الجمهورية سواء فرنجية أو غيره، وحاليا فان أول لقاء بين الطرفين كان «لتحكي العالم مع بعضها بصوت عالٍ» وليس للغوص في تفاصيل أي من الملفات، وفي اللقاءات القادمة، سوف تستكمل النقاط أو جدول الأعمال إذا صح التعبير الذي طرح في اللقاء الأول وحينها يبنى على الشيء مقتضاه… وعلى الهامش، فان التواصل بين حزب الله وجنبلاط كان قائما ولم ينقطع يوما ولكن بدون لقاءات علنية أو سرية، وما تغيّر اليوم هو فقط اللقاء.