رسالة حزب الله إلى رئيس الحكومة «إستعادة للثقة» ودرء لبذار الشقاق
زيارة السبهان في الميزان الرئاسي: تقاطع مساري الديبلوماسية ودعم الجيش
«كل إيجابية في العلاقة بين الحريري و«حزب الله» هي في النهاية قيمة مضافة للعهد وللرئيس عون شخصياً»
١٠٠ يوم مضَتْ من عهد راهنَ كثر على أنه لن يبصر النور، ثم راهنوا وكثراً آخرين على أنه لن يكتب له نجاحٌ أو يقوم له قائم. إستقدموا لهذا الغرض نصائح خارجية وعقبات داخلية وعثرات من مختلف الأنواع والطرازات دفعاً لتعثّر، حتى وجدوا في قانون الإنتخاب ضالة مناسبة.
لا يُخفى على العهد الرئاسي وعلى قيادة «التيار الوطني الحر» أن ثمة من يحاول بجهد لافت زرع بذار الشقاق بين أكثر من مكون سياسي، وخصوصاً بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، وبينه وبين حزب الله.
غاية زارعي هذا الشقاق باتت واضحة لجميع المعنيين، بمن فيهم تحديدا حزب الله الذي كانت له أمس في عز إحتدام جلسة المساءلة في مجلس النواب لفتة بارزة تجاه الرئيس الحريري، إثر قول العضو في كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمّار لرئيس الحكومة «كن مطمئنا نحن واياك في مركب واحد في معركة استعادة الثقة»، والعبارة الأخيرة تختصر كل عمل الحكومة الحريرية وكل ما بني من آمال على العهد الجديد وشراكاته.
في هذا السياق، تقارب الأوساط السياسية والديبلوماسية هذه الرسالة الإيجابية على أنها تستهدف حصرا من يسعى الى بذر الشقاق السياسي، أو من سعى في الفترة الأخيرة الى تصوير الحزب على أنه منخرط في معركة تفشيل الحكومة ورئيسها، وخصوصاً إستهداف سعد الحريري شخصيا من باب إصرار حزب الله على النسبية الكاملة في الانتخابات النيابية، ليس فقط كمدخل إصلاحي للنظام وللتمثيل الصحيح ينادي به ومعه رئيس الجمهورية وقوى وازنة، بل كإستهداف لزعامة الحريري، إنطلاقا من أن هذه النسبية تصيبه أولا في كتلته النيابية، وتصيبه ثانيا في منح الشرعية الشعبية لمناوئيه، في مقدمهم الوزير السابق أشرف ريفي الذي يتحيّن الفرص للقضم من زعامة تيار «المستقبل» في كل مناطق الإنتشار السنيّ، لا في طرابلس فحسب.
وترى الأوساط السياسة والديبلوماسية أن رسالة حزب الله الى الحريري يمكن البناء عليها في سبيل تطوير علاقة الحدّ الأدنى التي تجمعهما راهنا والمقتصرة على التواصل الدوري في حوارات عين التينة، وربما أتت رداً على ما أشيع في الساعات الأربع والعشرين الفائتة من أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله سيضمّن إطلالته القريبة كلاماً في قانون الإنتخاب قد لا ينزل برداً وسلاماً على الرئيس الحريري، وإستطراداً على رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط.
وتعتبر هذه الأوساط أن كل إيجابية في العلاقة بين الحريري وحزب الله هي في النهاية قيمة مُضاف للعهد وللرئيس عون شخصياً، نظرا الى أن هذه العلاقة هي محطّ أنظار إقليمي ودولي قبل أن تكون نقطة إهتمام محلي، وأن أي تقدم على هذا المستوى هو إنجاز للعهد الذي إستطاع في أقل من ١٠٠ يوم من إستعادة بريق لبنان العربي وأن يُصلح ما فسُد في العلاقة مع الدول العربية، وخصوصا المملكة العربية السعودية، على طريق إستعادة الثقة الكاملة، وهي إستعادة مُرتجاة لم يخفِ العهد يوماً مراميها.
وتكشف الأوساط أن رئيس الجمهورية كان واضحا في تظهير هذه الصورة في لقائه بوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، إستكمالاً للمحادثات الرئاسية في زيارته الأخيرة للمملكة، وهو أبدى إهتماماً بالغاً بمتابعتها على مستوى وزيري الخارجية جبران باسيل والدفاع يعقوب الصرّاف، بحيث يكون مسارا الديبلوماسية ودعم المؤسسة العسكرية موازيين في مقاربتهما، متقاطعين في ثمارهما المرجوّة.
وتلفت الأوساط إياها، في السياق ذاته،، الى أن الرئيس الحريري هو الآخر ليس غريباً عن أوراشليم، بمعنى أنه يلمس لمس اليد محاولات زرع الشقاق هذه، وخصوصا بين رئيس الجمهورية وبينه، لذا هو لا يجد بُدّاً من تصليب بنيان الثقة بينهما، ومن تأكيد متانة هذه العلاقة وتخطيها ما تراكم في الماضي من ترسّبات نتيجة الخلاف السياسي والرئاسي، لا بل هو للدلالة على عمق هذه العلاقة كشف أخيراً أنه على إتصال يومي بالرئيس عون للتشاور في ما يستجدّ من مسائل آنية، ولا سيما قانون الإنتخاب.
وتخلص الأوساط الى أن ثمة قناعة مشتركة ومساحات واسعة من التقاطع تجمع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهي باتت قادرة على أن تشكّل سنداً لهما في مقاربتهما المسائل الشائكة، كقانون الإنتخاب، لذا لا غرابة في أن يكونا أكثر المسؤولين تفاؤلاً في الجهد المبذول راهناً لإنتاج القانون الجديد.