IMLebanon

ضغوط «حزب الله» لعودة النازحين السوريين

يجري الحديث في لبنان عن أن النظام السوري بعث الى الحكومة اللبنانية رسالة تبلغ أعضاءها أن النظام مستعد للتفاوض معها لاعادة بعض النازحين السوريين الى بلدهم. ويتردد في أوساط مسؤولة ان بعض الوزراء، وخصوصاً وزراء «حزب الله» وحلفاءه العونيين، عازمون على هذا التفاوض لانهم يريدون التخلص من عبء النازحين على لبنان. ولا شك في أن لبنان يعاني بشكل كبير من هذا العبء الذي اصبح يمثل خطراً اجتماعياً كبيراً بسبب التوتر الناتج عن منافسة اليد العاملة السورية الرخيصة في جميع القطاعات، فيما أوضاع اللبنانيين من ناحية العمل والأجور تتراجع. ولكن إعادة اللاجئين من طريق التفاوض مع نظام اعتبر شعبه إرهابياً وقصفه بالبراميل ودمر منازله وقراه يعني ارسالهم مجدداً الى جحيم بلد اصبح الآن محكوماً ليس فقط من بشار الأسد بل من ايران و «حزب الله» وروسيا. وشكل الحزب في سورية «سرايا الشام» التي تضم عناصر سنّية تقاتل في سورية على طريقة «سرايا المقاومة» في لبنان، وهم يفاوضون مجموعات مقاتلة أخرى، منها «النصرة»، لإعادة النازحين الى قراهم، شرط ان يلتزم النظام بعدم اجبارهم على الخدمة العسكرية.

ولكن من يصدق النظام السوري؟ فقد عادت حوالى ٣٠٠ عائلة الى منطقة القلمون وطلب من الشبان ان يلتحقوا بخدمة العلم. والنازحون السوريون في لبنان يعيشون تحت الضغط في مخيمات تتعرض لحرائق كارثية ما يجعل حياة النازحين فيها جحيماً ويتمنون المغادرة ولو عنى ذلك عودتهم الى خيار سيئ آخر هو قريتهم التي دمرها نظامهم.

ان أوضاع اللاجئين السوريين كارثية في لبنان. فقد انطلقت مرة أخرى موجة العنصرية اللبنانية ضد «السوري»، مثلما كانت ولا تزال إزاء الفلسطيني في بعض الأوساط اللبنانية. ان محاولات «حزب الله» وحلفائه المسيحيين حضّ النازحين على العودة ومحاولة الضغط على رئيس الحكومة سعد الحريري للتفاوض والتحدث مع النظام السوري لن تنجح. فموقف الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق المتمثل بأن تتم مناقشة هذا الموضوع عبر الأمم المتحدة، هو الأفضل لتجنب الفخ الذي يريد «حزب الله» والنظام السوري إيقاع الحكومة فيه، فموضوع اللاجئين لا يمكن ان يحل الا على طاولة مفاوضات سورية في جنيف عبر الأمم المتحدة. فمن هجّر الأهالي من قراهم غير بشار الأسد و «حزب الله» والإيرانيون الذين دمروها بحجة انهم يحاربون الإرهابيين؟

ايران ووكيلها «حزب الله» وحليفها بشار الأسد عملوا من دون توقف على التخريب في الشرق الأوسط، من لبنان الى سورية الى العراق واليمن. والآن هناك معلومات لدى عواصم غربية ان السلاح الإيراني يصل الى «حزب الله» عبر مرفأ بيروت، وهذا يمثل خطراً كبيراً على لبنان وعلى جيشه. فواشنطن تقدم دعماً للجيش اللبناني بقيمة ١٥٠ مليون دولار سنوياً لتعزيز قدراته لأن عناصر الجيش وقائده الحالي يحظون باحترام كبير. لكن القرار السياسي في لبنان ليس في يد الجيش بل هو في يد الحكومة التي تضم عناصر حليفة لـ «حزب الله» تساهم في تعزيز قبضته على البلد وعلى القرار السياسي فيه، ما يجعله في خطر مستمر، خصوصاً مع وصول أسلحة ايرانية اليه من طريق لبنان. وخطابات «حزب الله» وتهجمه على دول الخليج دفعت وزير الدولة الاماراتي للشوؤن الخارجية أنور قرقاش ليقول لـ «الحياة» منذ فترة وجيزة كلاماً غير مطمئن عن علاقة لبنان بالاشقاء الخليجيين، اذ قال ان هناك قلقاً في الخليج من سيطرة «حزب الله» على كل مفاصل الدولة في لبنان.

ولسوء حظ لبنان، فهيمنة «حزب الله» على القرار السياسي اللبناني هي الواقع المرير، بسبب وجود كثيرين يغطونه بتحالفهم معه.