Site icon IMLebanon

عودة حزب الله إلى النسبية الكاملة يُربك العهد والحكومة

فيما المُهَل الدستورية على الأبواب لا اتفاق على قانون جديد

عودة حزب الله إلى النسبية الكاملة يُربك العهد والحكومة

قناعة بدأت  تتولّد لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بالسير بالقانون المختلط بعدما تمت مراعاة هواجسه

قبل خمسة أيام على موعد توجيه الدعوة للهيئات الناخبة في 21 الجاري، يبقى القانون المفترض لاعتماده في الانتخابات النيابية المفترضة أيضاً في أواخر شهر أيار المقبل تائهاً في بحر التجاذبات السياسية بين من يرى في المختلط ما يؤمن التمثيل العادل والصحيح ويعطي كل ذي حق حقه في «التوزيعة» النيابية كالثنائي المسيحي الممثل «بالقوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ومن يضع النسبية المطلقة على اساس الدائرة الواحدة او على اساس الدوائر الـ13 التي لحظها ما يسمى بقانون ميقاتي كحل وسط وعلى سبيل التسوية شرطاً لقانون جديد تجري على اساسه الانتخابات بعد تأجيل تقني لا يتعدى بضعة شهور افساحاً في المجال امام وزارة الداخلية لتوعية الناخبين وبين من لا يزال يعتبر ان النظام الأكثري كقانون الستين او أي قانون آخر يعتمد على الأكثرية هو الوحيد الذي يرضي جميع المكونات السياسية والطائفية، وبنتهما الأكثرية والاقلية ويحافظ على العيش المشترك من ضمن التعددية والتنوع الذي يُميّز لبنان عن غيره من دول المنطقة.

وفي هذا المجال، كشفت مصادر وزارية عن الارتباك الحاصل عند كبار المسؤولين المستولد من هذا التضارب العميق في المواقف من قانون الانتخابات بين القوى السياسية بدءاً من رئيس الجمهورية الواقع بين شاقوف رفضه القاطع لقانون الستين وصولاً إلى تفضيله الفراغ عليه وميله الضمني إلى النسبية المطلقة الا في حال قبول الآخرين بالمشروع المختلط الذي هندسه صهره وزير الخارجية جبران باسيل على مقاس التيار الوطني الحر وشريكه في السلطة وفي التحالفات الانتخابية حزب القوات اللبنانية، وحرصه في المقابل على العلاقة الجيدة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ووجوب مراعاته في أي تركيبة انتخابية جديدة.

وما ينطبق على رئيس الجمهورية يسري أيضاً على رئيس الحكومة سعد الحريري، وفق المصادر ذاتها، ففي الوقت الذي يرى رئيس الحكومة استناداً إلى حساباته الانتخابية التي وضعتها لجنة الانتخابات في تيّار المستقبل ان القانون المختلط الذي وضعه التيار بالتفاهم مع القوات والحزب التقدمي الاشتراكي، أو القانون المختلط الذي وضعته حركة أمل وتبناه رئيسها نبيه بري يطمئن تيار المستقبل إلى وضعه السياسي بعد الانتخابات المقبلة لأنه يؤمن له اكبر كتلة في مجلس النواب المقبل، يحاذر بشكل لا يقبل التأويل الدخول في مواجهة مع النائب وليد جنبلاط، ويقبل بالتالي ما يقبل به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ويرفض ما يرفضه على هذا الصعيد.

وفي الكلمة التي ألقاها في الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، لم تغب عنه هذه المعادلة بل حاول تظهيرها بشكل لم يترك فيه أي مجال للشك بمتانة وثبات تحالفه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وعدم استعداده للاقدام على أية خطوة تتعلق بالقانون الانتخابي الجديد الا بعد التفاهم مع النائب جنبلاط.

وفي هذا الإطار، تقول المصادر أن أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت مجلس الوزراء ينأى بنفسه عن البت في قانون الانتخابات بالرغم من ضيق المهلة الدستورية، مراعاة الرئيس الحريري لحليفه التاريخي والاستراتيجي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ذلك لأن الغالبية الساحقة في مجلس الوزراء تقف إلى جانب النسبية الكاملة او المختلط ولا أحد مستعد للقبول بالأكثري في الانتخابات النيابية المقبلة، وعدد كبير من الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية وعلى التيار الوطني الحر وعلى حزب الله وحركة أمل مستعدون للتصويت على النسبية المطلقة في حال طرحت على مجلس الوزراء كل الخيارات المفتوحة بالنسبة الى قانون الانتخاب ولم يكن هناك اتفاق مسبق بين المرجعيات السياسية والطائفية على القانون الذي سيعتمد ويكون مقبولاً منهم جميعاً ولا يستثني أحداً.

وحالة الإرباك التي يمر بها المسؤولون في السلطة وخارجها عن ملف الانتخابات النيابية تأمل المصادر ذاتها أن تنتهي في الأسابيع القليلة المقبلة استناداً إلى المعلومات التي تقول عن قناة بدأت تتولد لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بالسير بالقانون المختلط بعدما تمت مراعاة هواجسه من خلال صيغة جديدة أعدها فريق العمل في حزب القوات اللبنانية وأرسلتها معراب إلى جنبلاط وتيار المستقبل تعتمد على اجراء الانتخابات في دائرة الشوف على قاعدة ترضي زعيم التقدمي، مشيرة الى أن هذا الطرح لم نشأ الإفصاح عن تفاصيله لقي استحساناً بما يؤشر إلى بدء القبول به، بيد ان درب المختلط لن يكون معبداً بالورود في ضوء إصرار «حزب الله» على صيغة النسبية المطلقة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة وفي أحسن الحالات على أساس القانون النسبي الكامل الذي وضعه وزير الداخلية مروان شربل في عهد حكومة الرئيس ميقاتي والذي نوه به أمين عام «حزب الله» في آخر إطلالة له والمتوقع ان يعود اليه في خطابه الذي سيلقيه بعد ظهر اليوم في مهرجان القادة الشهداء تحت عنوان سادة النصر، علماً بأن الرئيس برّي الذي أكّد اكثر من مرّة انه لن يسير بأي قانون لا يتوافق عليه، عاد وأكد امس امام النواب في لقاء الاربعاء انه ما زال يتمسك بالقانون المبني على النسبية، ما يؤشر الى عمق التفاهم بينه وبين الأمين العام لحزب الله على النسبية الكاملة وعدم القبول بأي طرح آخر حتى ولو ادى ذلك إلى الوقوع في محظور الفراغ.