IMLebanon

تأييد حزب الله للجنرال لا يُوصل روكز لقيادة الجيش  

ما أن انتهى إجتماع كل من رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون وأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله في الماضي القريب، حتى تقاطعت المعلومات من أنّ العماد عون نجح في إنتزاع موافقة السيد نصر الله على دعمه في معركة التعيينات الأمنيّة، ونُسِجت الروايات عن إقتراب قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز أكثر من أيّ وقت مضى من تولّي منصب قيادة الجيش. فهل تأييد «الحزب» للجنرال في ملفّ التعيينات الأمنيّة كفيل وحده بإيصال العميد روكز إلى أعلى منصب أمني في لبنان؟ 

المصادر السياسيّة المُطلّعة أكّدت أنّ فُرص العميد روكز بالوصول إلى منصب قائد الجيش، خلفاً للعماد جان قهوجي، كبيرة، نظراً إلى أسباب عدّة، بدءاً بشخصيّته الكاريزماتيّة التي تفرض هيبتها، مروراً بالاحترام الكبير الذي يلقاه في صفوف العسكريّين، والتأييد الواسع الذي يحظى به في صفوف المدنيّين، وصولاً إلى إنجازاته الميدانية الحاسمة والسريعة في أكثر من معركة فُرضت على الجيش اللبناني. لكنّ هذه المصادر لفتت إلى أنّ كل ما سبق لا يكفي وحده لوصول العميد روكز، حتى لو أضفنا أيضاً تأييد «حزب الله» لمُرشّح العماد عون غير المُعلن، من بين خيارات أخرى تأتي بالدرجة الثانية. 

وذكّرت المصادر السياسيّة نفسها إلى أنّه عندما تمّ تشكيل الحكومة اللبنانية رقم 73 برئاسة النائب تمّام سلام في 15 شباط 2014، كانت مُختلف الأطراف السياسيّة تعلم علم اليقين أنّها ليست «حكومة الشهرين» كما حاول أكثر من طرف الترويج له، وبأنّها أيضاً ليست حكومة «تحضير الإنتخابات النيابيّة». وإذا كان الرئيس سلام إختار لها إسم «حكومة المصلحة الوطنيّة» فإنّ الوقائع اللاحقة أكّدت أنّها حكومة «التوازنات الداخليّة الدقيقة»، والتي بدأت بتوزيع مدروس بعناية للمناصب الوزاريّة وللنفوذ السياسي داخل مجلس الوزراء، ومرّت بسلسلة من الإجراءات الأمنيّة الميدانية المُتوازنة بين أكثر من منطقة لبنانية، ووصلت إلى تقاسم فعلي للسلطة، ولو أنّ هذا الأمر إنعكس شللاً وعدم قُدرة على إطلاق مشاريع مُنتجة من قبل أيّ جهة بسبب حقّ النقض المُتبادل. 

وأضافت المصادر السياسيّة عينها إلى أنّ الحكومة الرابعة والأخيرة في عهد الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال سليمان، والتي تضم 24 وزيراً – من ضمنهم رئيس الحكومة، مُوزّعة سياسياً على أكثر من طرف سياسي داخلي، حيث تتمثّل قوى «14 آذار» بثمانية وزراء يُحسبون مُباشرة عليها، وينتمون إلى «تيار المستقبل» و«حزب الكتائب»، وتتمثّل قوى «8 آذار» بثمانية وزراء آخرين ينتمون إلى «التيار الوطني الحرّ» و«حركة أمل» و«حزب الله» و«تيار المردة» و«حزب الطاشناق». وبالنسبة إلى الوزراء المُتبقّين وعددهم ثمانية أيضاً، فهم محسوبون على كتل وسطيّة نظرياً، علماً أنّهم فعلياً مُوزّعون بين «الحزب التقدمي الإشتراكي» والمجموعة المُعيّنة من قبل الرئيس سليمان، إضافة إلى الرئيس سلام ومعه كلّ من الوزيرين محمد المشنوق ورشيد درباس. 

وتابعت هذه المصادر أنّه إنطلاقاً ممّا سبق، إنّ نجاح أيّ تصويت داخل مجلس الوزراء في حال تعذر الموافقة عليه بالإجماع، يفترض الحصول على دعم ثلثي مجلس الوزراء، أي على تأييد 16 وزيراً. وسألت هذه المصادر: «كيف سيتمكّن العماد عون – حتى لو نال دعم حزب الله والحلفاء لأيّ إختيار من قبله، الحصول على تأييد ثلثي مجلس الوزراء لأيّ تعيين أمني لا يكون قد جرى التوافق عليه مُسبقاً بين مختلف المُكوّنات السياسية، في ظلّ وجود ثلث المجلس في الضفة السياسية المقابلة له والثلث الآخر غير مؤيّد له؟!». وأضافت: «بغضّ النظر عن أحقّية العميد روكز، أو غيره من بين عشرات لا بل مئات العمداء، في الوصول إلى قيادة الجيش، إنّ مسألة التعيينات الأمنيّة مُرتبطة بالتوازنات السياسيّة العامة الدقيقة في البلاد». وتابعت قائلة: «بالتالي، لا مجال لوصول أيّ شخصيّة بالقوّة إلى أيّ منصب في ظلّ تمتّع كل الأطراف بالثلث المُعطّل، الأمر الذي يُحتّم حصول التوافق على أيّ تعيين».

وبالنسبة إلى ما يتردّد عن حصول هذا التوافق، لجهة أن يتمّ تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، في مقابل تعيين رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، في إطار تسويات تقاسم السلطة السياسية والأمنيّة الحالية، شدّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة على أنّ هذا «السيناريو» مطروح ومُمكن، لكنّ أيّ إتفاق بشأنه لم يحصل بعد. وأضافت أنّ «التيار الوطني الحرّ» و«تيار المستقبل» لا يُمانعان هذا الأمر، لكن الكثير من الجهات السياسيّة الأخرى المُقرّبة من الطرفين، تتحفّظ عليه. 

وختمت الأوساط السياسية نفسها بالتأكيد أنّ العماد عون سيُثير معركة التعيينات الأمنيّة في مجلس الوزراء، و«حزب الله» سيقف إلى جانبه بدون أدنى شكّ، لكنّ العميد روكز لن يصل بهذه الطريقة إلى قيادة الجيش، الأمر الذي سيترك كل الإحتمالات واردة بالنسبة إلى سُبل حلّ وصول قادة الأجهزة الأمنيّة المُمدّدة فترة خدمتهم إلى مرحلة الإحالة إلى التقاعد، حيث أنّ الأمور تتراوح بين إمكان التوصّل إلى تسوية تبادل للمناصب الأمنية، على غرار تقاسم السلطة السياسيّة في مجلس الوزراء، وإمكان الفشل في ذلك وتفجّر الأوضاع السياسيّة إلى أعلى الدرجات.