IMLebanon

زيارة حزب الله لعون لتغليب الانفتاح… ووضع النقاط على حروف حرب الجنوب

 العلاقة بين التيار الوطني الحرّ والحزب: صقور باسيل ينفخون في نار الأزمة 

 

لم تكن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر على درجة من التأزم والسوء اكثر مما هي عليه اليوم، منذ بدء الازمة بين الطرفين على خلفية الموقف من الاستحقاق الرئاسي وترشيح الحزب لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية. وفي تلك الفترة، حاول الحزب جاهدا شرح وجهة نظره لرئيس التيار جبران باسيل بروح ايجابية، لكنه اصطدم بموقف متصلب ومتشدد ربما يكون قد تجاوز التوقعات.

 

اراد الحزب يومذك اقناع حليفه المفترض، بان الاسباب الكثيرة التي تحول دون ترشيحه تفترض دعم ترشيح الحليف فرنجية، لكنه لم يفلح لا في اللقاء الذي جمع باسيل بالسيد حسن نصرالله، ولا في اللقاءات العديدة التي اجراها وفد قيادة الحزب معه.

 

يومذاك كان باسيل يراهن على تحسين وضعه وموقعه ليكون مرشحا قويا في السباق الرئاسي، رغم ادراكه صعوبة بل استحالة تحقيق هذا الهدف. ورغم موقفه المتصلب حرص باسيل على ابقاء التواصل مفتوحا مع حزب الله، ظنا منه انه قادر مع الوقت على تغيير المعادلة لمصلحته، واقناع الحزب بالتراجع عن ترشيح فرنجية والذهاب الى خيار آخر.

 

وقيل يومذاك ايضا ان باسيل وضع نصب عينيه هدفين : الاول تحسين وضعه وفك الحصار الداخلي والخارجي عليه، ليكون من اوائل المرشحين للرئاسة، والثاني الرهان على تراجع الحزب عن تسمية فرنجية، ليكون الناخب الاساسي للاسم البديل لرئاسة الجمهورية. وعندما تأكد له ان رهانه ليس في محله، اخذ يرفع اللهجة في وجه الحزب، ومضى باتجاه المزيد من الافتراق عنه تحت عنوانين اساسيين : الخلاف على الملف الرئاسي وترشيح فرنجية، والخلاف حول الموقف من صلاحيات حكومة تصريف الاعمال وادائها. وحاول ان يشاركه الحزب في شل وتعطيل الحكومة كليا، لكنه فشل في تحقيق هذا الهدف ايضا.

 

وتدافع اوساط باسيل عن موقف التيار بالقول ان المسؤولية عن تأزم العلاقة في تلك المرحلة تقع على الحزب، الذي تفرد بترشيح فرنجية متجاوزا علاقة التحالف مع التيار الوطني الحر، التي تفرض في الحد الادنى التشاور معه في مثل هذا الاستحقاق الاساسي في البلاد.

 

وترى الاوساط ان ما زاد الطين بلّة وقوف الحزب الى جانب الرئيس ميقاتي ومشاركته في تجاوز حكومة تصريف الاعمال الدستور، وتغطية قراراتها وادائها. وتضيف اوساط باسيل ان الخلاف مع الحزب ليس محصورا بالخيار الرئاسي او حول دور الحكومة، وانما هو خلاف حول بناء الدولة وتحقيق الشراكة الفعلية.

 

وقبل الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية، حاولت قيادة الحزب اقناع باسيل بعدم الذهاب في الخلاف على الرئاسة الى مزيد من الافتراق والتقاطع مع المعارضة على مرشحها جهاد ازعور، لكنه اجهض هذه المحاولة وعمم على نواب التيار للتصويت لازعور، رغم اعتراض عدد منهم على هذا الخيار، الذي ترجم في صندوق الاقتراع بثلاثة اصوات معارضة على الاقل.

 

وبعد تلك الجلسة، دخلت العلاقة بين الحزب والتيار مرحلة ثانية من التأزم من دون ان تصل الى مرحلة القطيعة، وبقي التواصل بين الطرفين لا سيما على الصعيد النيابي في اجواء طيبة ومقبولة.

 

ومنذ بداية التأزم في العلاقة لم يبرز خلاف بين الطرفين حول السياسة الخارجية او الوضع الجنوبي، لا سيما انهما اتفقا على الاداء والنهج الذي اتبعه لبنان في المفاوضات، التي ادت الى الاتفاق على الحدود البحرية الجنوبية اثناء وجود الرئيس عون على سدة الرئاسة، وعلى الدور الفعال للمقاومة في الوصول لهذا الاتفاق.

 

وبعد حرب غزة ودخول وفتح حزب الله المعركة مع العدو الاسرائيلي اسنادا للمقاومة الفلسطينية في القطاع، بدأ باسيل الجنوح تدريجيا الى معارضة موقف الحزب، ووصل الى نقطة الذروة باعلانه رفض سياسة وحدة الساحات، بعد موقف مماثل للرئيس السابق ميشال عون الذي عارض صراحة دخول الحزب في المعركة، مبررا موقفه بانه لا توجد معاهدة دفاع مشترك مع غزة.

 

ورغم حدة هذا الموقف المعارض من التيار، حرص حزب الله على عدم الرد او التعليق، مفضلا ابقاء الخلاف بينهما خارج اطار السجال السياسي والاعلامي العلني. لكن تصريحي عون وباسيل اثارا موجة من السجال عبر وسائل التواصل بين مناصري الطرفين. وما زاد الوضع سوءا هو مسارعة بعض الصقور في التيار المقربين من باسيل، الى صب الزيت على النار واعلان وأد العلاقة مع حزب الله ودفنها. وتمادى قلة منهم في هذا المسار، وانخرطوا في حملة مزايدة تجاوزت سقف الموقف الذي اعلنه باسيل. ويدور همس بأن رئيس التيار غير مزعوج من لهجة هؤلاء التي لم تعد تتميز عن لهجة المعارضة، بل تتجاوز مواقف بعضها احيانا. ويترافق ذلك مع انخراط وسائل الاعلام التابعة للتيار في حملة واضحة ضد حزب الله. وذهب بعضهم الى استضافة رموز معارضة نافرة ومعروفة بدورها التحريضي السياسي والطائفي على الحزب.

 

وفي ظل هذا المشهد المتأزم بين حزب الله والتيار، جاءت امس زيارة الوفد القياي الرفيع المستوى للحزب برئاسة النائب محمد رعد للرئيس عون، وتأكيده على التواصل الدائم بين الجانبين. وتقول مصادر مطلعة ان من بين اسباب الزيارة، رغبة قيادة الحزب الاستماع من الرئيس عون شخصيا ومباشرة، الاسباب التي املت عليه اعلان موقفه الاخير، وشرح موقف الحزب من الحرب في الجنوب، ومن قضايا وملفات اساسية اخرى، تأكيداً على رغبة الحزب باستمرار التواصل معه ومع التيار، وتخفيف حدة الاحتقان بين الحزب والتيار،  والاحتكام الى سياسة الانفتاح والحوار.

 

هل تلاقي هذه الزيارة صدى ايجابيا من قيادة التيار وباسيل، لتجنب المزيد من التدهور بالعلاقة، وقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر ؟