يخطئ من يتصور او يتوقع تراجع هجمة حزب الله على المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما بعد الذي صدر عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة واتهم حزب الله بأنه منظمة ارهابية، الامر الذي يوحي وكأن الامور سائرة باتجاه التصعيد من الجانبين حيث يستحيل على الحزب ان يقبل بالتسمية التي تتهمه بالارهاب في الوقت الذي يعتبر نفسه مقاومة خاضت مجموعة معارك مع الاحتلال الاسرائيلي واثبتت جدواها في مقارعة العدو في اكثر من مناسبة منذ سنين طويلة، وهي لم تتوقف عن اعداد نفسها لان تستمر في المقاومة حتى ولو لم يعجب ذلك اللبنانيين والعالم بأسره.
لذا، لا بد من سؤال لبنان الرسمي عن طريقة تعاطيه مع حزب الله، خصوصا انه يستحيل عليه اعتباره ارهابيا ، كي لا تتطور الامور معه في الداخل الى حد اشعال فتنة طائفية، لكن الرئيس سعد الحريري ضبطها الى الان من خلال حوار ثنائي لجم التصعيد المتمثل في الشارع وفي بعض اوساط الشارع اللبناني الذي نادرا ما عاش فترة هدوء جراء الفلتان السياسي الذي يتحكم بالجميع جراء السلاح غير الشرعي المنتشر في طول لبنان وعرضه الى ما هناك من استنفارات امنية تتحكم في بعض مناطق سيطرة حزب الله الذي يمنع الدولة من ان تكون دولة.
وما يقال عن حزب الله لا يمكن ان يقال عن غيره من الاحزاب والتنظيمات كونها تفتقر الى حيازة الاسلحة مثله، من غير ان تكون رغبة لدى اي طرف لان يقتني سلاحا يضاهي ما لدى الدولة من اسلحة متطورة قادرة على مواجهة العدو على مدار الساعة بحسب التجارب التي مرت على لبنان ونال الجميع نصيبه منها، لاسيما ان العدو الاسرائيلي يعرف كيف يدمر ويقصف ويلحق اضرارا فادحة حيث يريد من غير ان يتوقف عند هدف انساني او صحي على مدار مواجهاته مع حزب الله الذي لا يزال يدعي انه قادر على المواجهة باستثناء مواصلته الحرب بزخم (…)
ولجهة الاخوان العرب فانهم لم يتوقفوا عن مطالبة لبنان بلجم حزب الله، ليس لانه »فصيل لبناني ارهابي« بل لانه خرج على مألوف غيره من الاحزاب والتنظيمات العربية التي تطورت باتجاه الحرب في سوريا والعراق واليمن بطلب واضح وصريح من الجمهورية الاسلامية في ايران التي وسعت تدخلها في المناطق الانفة معتبرة نفسها حاجة دولية – اقليمية قادرة على التحكم ببعض المفاصل العربية خدمة لطموحها الاقليمي والدولي في آن. وهذا كله من شأنه ان يزيد في تورط لبنان على خلفية ما تهدف ايران اليه في الدول المتورطة معها (…)
وما يزيد الطين بلة، ان حزب الله يعمل باتجاه تصعيد مواقفه ضد معظم الدول العربية، خصوصا تلك التي على طرفي نقيض مع ايران التي تنشط نحو ما يفهم منه انها ترى مصلحتها في حربها الاقليمية، بدليل تصعيد عملياتها في كل من سوريا والعراق واليمن، مع انها تعرف ان الطرق مقفلة امامها وليس ما يسمح لها بأن تسجل ايجابيات لمصلحتها او لمصلحة من ترى فيه حليفا ان كان في سوريا او في العراق واليمن، فضلا عن ان طهران ترى في وقف النار على الارض السورية حالا لا تستفيد منها في الحروب الجانبية التي تخوضها بأعلى مستوى من الجهوزية (…)
ومن المؤكد ان نظرة ايران الى بعض الدول في الخليج العربي تؤكد انها غير راضية عنها، لانها ورطتها في حرب من المستحيل ان تخرج منها سالمة اضف الى ذلك ان هناك خشية لدى الحرس الثوري الايراني من ان تتطور الامور العسكرية الى حد تدخل قوى غربية في الحرب السورية – العراقية- اليمنية تتكفل بكسر شوكة الايرانيين الذين كانوا يعتقدون ان الظروف متاحة امامهم لان ينجحوا في تطوير حربهم في سوريا باتجاه كسر شوكة المقاومة السورية التي اثبتت جدارة في مواجهة السلاح الروسي المتطور ومعه اسلحة ايران وحزب الله التي اثبتت فشلها في كبح القوى السورية المعارضة؟!
المراقبون الديبلوماسيون يتحدثون عن مسألة وقت بالنسبة الى سقوط نظام بشار الاسد كما يرون انه قد تكون لروسيا اصابع في ازاحة الاسد، حيث لا يعقل ان تستمر الحرب في سوريا الى ما لا نهاية بعكس كل التوقعات المرافقة لمراحل وقف النار التي تتم على الارض السورية بقرارات دولية لا علاقة لمن هم مع بشار الاسد بها، مع العلم ايضا ان »ثورة داعش« تراجع مفعولها على الارض ولم تعد قادرة على مساندة الاسد في مواجهة قوى المعارضة السورية من غير حاجة الى تحديد فترة لسقوط نظام الاسد مرة واحدة ونهائية؟!