IMLebanon

المعركة الخفية في الإنتخابات البلدية

أمس، دارت أمامنا معارك طاحنة بين الأحزاب والتيّارات والعائلات والمستقلين والأحرار و… ولكن أمس أيضاً، دارت خلفنا معارك ضارية بين الإعلام التقليدي وشقيقه البديل.

مهما تنوّعت التحالفات، ومهما دارت كفّة صناديق الاقتراع، تبقى الكاميرا اللاعب الديموقراطي الأول في المعارك الانتخابية. وفي الأحد الأول من الانتخابات البلدية والاختيارية، ومن بيروت لزحلة مرّت كاميرا فوتو وكاميرا فيديو، واحدة في يد المحطات وأخرى في يد روّاد مواقع التواصل الاجتماعي. ومن السابعة صباحاً حتى السابعة مساء تسابق الطرفان على توثيق المخالفات وتصوير الإنجازات ورصد التصريحات.

الناس لا يمكنها ان تحمل جهاز التلفزيون إلى ساحة الضيعة أو إلى داخل أقلام الاقتراع، وهكذا كان صوت المحطات والمذيعين والمحللين ينقطع عند عتبة البيت، ليحلّ مكانه في جيب كلّ مواطن وعبر هاتفه الذكي صوت الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين أداروا من على هذه المنصّات معاركهم الصغيرة، سواء في التسويق للائحة معيّنة أو مختار، أو من خلال رصد المخالفات ونشرها على نطاق واسع، أو من خلال التوعية على قوانين الانتخابات وحقوق الناخبين، أو حتى من خلال التعليقات الساخرة على أحداث اليوم الطويل.

وعلى سبيل المثال، عندما بدأت المحطات تعلن خبر إقفال صناديق الاقتراع، نشط بعض المدوّنين على صفحاتهم الخاصة لإعلام الناس الموجودين داخل مراكز الاقتراع أنه في إمكانهم التصويت حتى بعد الساعة السابعة مساء بمجرّد تواجدهم في الداخل.

وكلّ الفيديوهات التي توثّق المشاكل والتجاوزات ومحاولات دفع الرشاوى وشراء أصوات في أكثر من منطقة، كلّها أتت من جهود الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنّ مراسلي المحطّات كانوا مشغولين بمهماتهم الإعلامية التي تنحصر في تغطية العملية الانتخابية واستصراح السياسيين والمرشحين، فيما انكبّ المدوّنون على فضح التجاوزات ونشرها عبر الفضاء الافتراضي الذي لا يخضع لأيّ محسوبيات وقوانين، بل ينتهج الحريّة المطلقة في قول الرأي والرأي الآخر.

وكان جلياً أمس أنّ المحطات التلفزيونية تأخذ المادة الإعلامية من مواقع التواصل الاجتماعي وتبني عليها وتثري بها تقاريرها والعكس ليس صحيحاً… ولعلّ المشكلة أنّ التلفزيون لا يزال تقليدياً في نهجه وكاميراته المثبتة أمام مراكز الاقتراع… فيما يبدو انّ الناس تتّجه أكثر لمتابعة الإعلام الذي يشبهها والذي يمكنها التفاعل معه، حتى كادت التغريدات والتعليقات تتفوّق على نسَب الاقتراع في بعض المراكز، ويبدو انّ السوشال ميديا فازت في المعركة الأولى من الحرب الإعلامية الانتخابية.