لا شك ان ثمة قطبة مخفية، وراء استيقاظ وزارة الخارجية على قضية السفراء المعلقة مع دولة الكويت، الآن وفي هذا التوقيت اللبناني المزدحم بالازمات…
مصادر الخارجية سربت رفض لبنان قبول اعتماد مساعد وزير الخارجية الكويتية للشؤون المالية والادارية جمال الغانم. وزارة الخارجية نفت بشكل قاطع اعتماد سفير جديد لدولة الكويت ودون تسمية السفير المعني بالاسم، للايحاء بأن المسألة بالمبدأ، وليس بالشخص.
وهكذا تم موقف الرفض، لتنفيه في اليوم التالي، نلقي الحصوة في الماء، ثم نترقب حركة الدوائر.
ولكن متى كانت الكويت، ترد على الاساءة بمثلها، خصوصا من لبنان في البلد الثاني، للكويتيين عموما، والموطن الخليجي للبنانيين اجمالا، والذي ما اساء ضيافتهم يوما، حتى في مرحلة العبث بأمنه المستقر، وما لقيت الكويت من لبنان، الا التقدير والعرفان، خارج اطار هذه الحقبة اللبنانية الاستثنائية، ليس بالنسبة للكويت وحدها.
الاعتقاد الشائع، ان موقف الرفض هذا، متصل بامتناع الكويت عن قبول من رشحه الوزير جبران باسيل الى منصب سفير لبنان لدى دولة الكويت وهو السفير ريان سعيد، لاعتبارات تراها الكويت فوق مستوى النقاش، وتتخطى قواعد التمثيل الدبلوماسي المتوافق عليها بين البلدين، وبين لبنان ومختلف البلدان، وكان التقدير ان تتعامل الخارجية اللبنانية مع التحفظ الكويتي كما تعاملت مع تحفظ الكرسي الرسولي في الفاتيكان، الذي رفض ولاول مرة، كما حال الكويت، قبول اعتماد سفير للبنان، لديه ارتباطات اجتماعية بعناوين انسانية ذات صبغة دولية، يعتبرها الفاتيكان مغايرة لمفاهيمه المسيحية الصافية، اذ تقبلت الخارجية اللبنانية موقف الفاتيكان، على ما فيه من ادانة لاختيارها، بينما اعتمدت المواجهة مع الكويت الذي تجمعه ولبنان علاقات تاريخية متجذرة في الوجدان العربي على ما ورد في بيان النفي، الصادر عن وزارة الخارجية.
وامام هذا التناقض، بدأت الاوساط السياسية في بيروت تتساءل، لماذا كل هذا، ومع احد أقرب البلدان العربية الى الوجدان اللبناني؟
هل لهذه المسألة علاقة بملف خلية العبدلي التي سممت الاجواء الرسمية بين البلدين بحكم تورط عناصر من حزب الله فيها؟ ام ان للصداقة التي تشد الرئيس نبيه بري الى رئيس مجلس الامة الكويتي مرزوق الغانم وآل الغانم، علاقة غير مباشرة على الاقل؟ واضح ان الكويت قررت تجاوز هذه المسألة، كما تجاوزت مسائل اخرى اكبر تجنبا لافساد الود مع البلد الشقيق، ومن هنا كان التمديد لمهمة سفيرها في بيروت، عميد السلك الدبلوماسي العربي، عبد العال القناعي، على ان تبقى سفارة لبنان في الكويت بعهده القائمة بالاعمال نسرين بو كرم، ريثما تتغلب الحكمة على النزق، والوعي على التهور.
النائب القواتي وهبي قاطيشا، رأى في تصرف الخارجية اللبنانية خدمة للنظام السوري وايران، معولا على حكمة امير الكويت في مقاربة هذا الموضوع المرفوض لبنانيا، والنائب الاشتراكي بلال عبدالله نصح باسيل بالخروج من هذه العنتريات السياسية المضرة.
وزير سابق، رأى في الحالة الحاضرة ما ينطبق عليه قول المفكر ويل سميث: المكسب الحقيقي، خسارة اصدقاء المصلحة…