سلام يبدأ اتصالاته لإنجاح «جلسة الخميس»
سقف سياسي مرتفع.. والأزمة الحكومية من دون أفق
استغلّ رئيس الحكومة تمام سلام عطلة نهاية الأسبوع للراحة، بعد أسبوع سياسي مضنٍ، نتيجة الذي حصل قبل جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي وخلالها وبعدها، فيما سيواصل اليوم الاتصالات تحضيراً لجلسة الخميس المقبل التي يسعى أن تكون أقل حدّة من الجلسة السابقة، ولإقرار بعض البنود المهمّة أو الملحّة المدرجة على جدول الأعمال.
لكن بدا من مؤشرات الأيام القليلة الماضية، أن الأزمة الحكومية تعقدت أكثر مما كانت عليه، بل أضيف إليها تعثّر إقرار مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب نتيجة التصعيد من أكثر من طرف و «تهديد التيار الوطني الحر» باللجوء الى الشارع، بل وبالتلويح بطرح خيار الفيدرالية كـ «حلّ لإنصاف المسيحيين»!
وإذا كان الظاهر أن طرفي الأزمة هما رئيس الحكومة ومَن معه، و «التيار الوطني الحر» ومَن معه، فثمّة من يرى أن هناك أطرافاً خارجية تدعم خصوم العماد ميشال عون، وتدفع باتجاه تحجيمه بسبب تحالفه القديم والمستمرّ مع «حزب الله».
وثمّة من يرى أيضاً أن طلب الرئيس فؤاد السنيورة من عون سحب ترشيحه للرئاسة كشرط أساسي للتفاهم معه على القضايا العالقة، دليل على أن «تيار المستقبل»، او الجناح الذي يمثله السنيورة، هو الذي يقف عملياً وراء المشكلة مع «التيار الحر». ولذلك يوجّه الوزير الياس بو صعب سهامه باستمرار الى «تيار المستقبل» كجهة متهمة بمحاولة مصادرة القرار والحكم وممارسة التعطيل وأحياناً تخريب التفاهمات.
ويذهب انصار «التيار الحر» الى القول ايضاً «إن الرئيس نبيه بري صار جزءاً من المشكلة عبر اتفاقه مع تيار المستقبل ومع سلام على عقد جلسة لمجلس الوزراء، توصلاً لإقناع القوى المعترضة بعقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي إذا تم تمرير مرسوم فتح الدورة الاستثنائية. وذلك برغم علمه المسبق أن عون متمسّك بمواقفه وأن الحل لا يكون بفرض أمر واقع عليه، بل بمحاولة التفاهم معه على مخارج معينة ترضي كل الاطراف».
لكن المشكلة المستجدة تكمن في ان عون رفع السقف كثيراً ولم يترك مجالاً لخط الرجعة. ويأخذ عليه خصومه انه جعل من قضية التعيينات الأمنية مدخلاً للبحث في قضية المشاركة. وهو ادخل في هذه الحالة الخاص بالعام عبر التمسك بتعيين صهره قائداً للجيش، بينما كان بوسعه أن يطرح قضية المشاركة منذ زمن وبطريقة لا يبدو فيها أنه يريد مطلباً خاصاً. علماً ان قضية المشاركة اصبحت جوهرية في هذه الظروف ومفاتيح مقاربتها كثيرة ومتعددة الاتجاهات والأسباب، و «الوطني الحر» كان بالممارسة أبرز ضحايا تغييبها.
لكن مصادر وزارية من حلفاء عون ترى «أنهم أحرجوه فأخرجوه عبر خطوات متدرجة: من فرض جدول الأعمال، إلى طرح تغيير آلية عمل الحكومة، ومن ثم تحديد موعد للجلسة وإقرار بند دعم نقل المنتجات الزراعية والصناعية خلافاً لموقف الوزراء المعترضين، والكلام عن أكثرية وأقلية».
ورجحت ان يستمر المشكل السياسي خلال الجلسة المقبلة، معتبرة أنه «لم يكن هناك من داعٍ لإيصال الامر الى هذه المرحلة لو تعاملوا مع التيار الحر بغير هذه الطريقة».
عدا ذلك، اصبحت المشكلة متعددة الوجوه بعد مواقف وزراء «الكتائب» و «اللقاء التشاوري» في رفض تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية وتوقيع مرسوم الدورة الاستثنائية. وهذا الأمر الذي يرده وزراء «الكتائب» الى «محاولة تعديل آلية عمل الحكومة اكثر من مرة وخرقها من قبل وزراء التيار في مراحل ماضية، خلال مناقشة خطة النفايات الصلبة وتعيينات الجامعة اللبنانية واستحداث الكليات وإنشاء جامعات جديدة».
إلا أن الوزير سجعان قزي يقول إنه «في الجلسة الماضية لم تخرق الآلية لأن وزراء التيار الحر طالبوا بوقف البحث بكل جدول الأعمال ولم يعترضوا على بند معين، خلافاً لآلية العمل التي تنص على التوافق حول إقرار بند معين لا حول تطيير كل بنود جدول الاعمال، لذلك سرنا نحن في مناقشة جدول الاعمال. ولكن في حال أراد أي طرف تغيير آلية العمل فهذا ايضاً يتم بالتوافق».
حتى اليوم، لا يبدو في الأفق مخرج لحل الازمة الحكومية والمجلسية. فالتواصل بين طرفي الأزمة متوقف، ووزير التربية الياس بو صعب مسافر ولن يعود قبل الخميس وقد لا يحضر جلسة مجلس الوزراء، و «حزب الله» حائر بين حليفه وبين كيفية حفظ الحكومة ومنع انفجارها، وكذلك حال الحلفاء الآخرين لـ «التيار الحر». فيما الرئيس نبيه بري لا زال يشجع على عقد الجلسات الحكومية والتشريعية طالما الميثاقية الدستورية والسياسية متوافرة لها، لكنه لا زال يصطدم بسدّ مسيحي منيع، ساهم مؤخراً في بناء مداميكه أطراف آخرون ممثلون في الحكومة والمجلس عبر رفض التوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية بحجة أولوية انتخاب رئيس للجمهورية.