راوحت الازمة الحكومية مكانها مع بداية الاسبوع، برغم حركة الاتصالات والمساعي التي بدأت الاسبوع الماضي لتجاوزها. لكن السقوف العالية لمواقف الاطراف حالت دون حدوث أي خرق، فبقي رئيس الحكومة تمام سلام امس متريثا في دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الخميس المقبل، برغم اعلان وزير التربية الياس بو صعب، امس، «ان وزراء تكتل التغيير والاصلاح سيحضرون الجلسة اذا دعا اليها رئيس الحكومة، لكن وسط اصرار على مواقفنا».
وقال وزير الاتصالات بطرس حرب لـ «السفير» بعد لقائه، امس، الرئيس سلام: «لا جديد بعد لمعالجة الازمة، والرئيس سلام ما زال يفسح المجال لايجاد مخرج لكن ليس على حساب الدولة والدستور، وجلسة مجلس الوزراء قد تعقد في اي وقت لكن ليس هذا الاسبوع، خاصة ان جدول الاعمال موزع من اسبوعين (81 بندا) ولم يتسنَّ لنا مناقشته بسبب موقف التيار الحر وحزب الله، ويمكن ان تعقد الجلسة الاسبوع المقبل اذا تمت حلحلة الامور».
ويرتقب ان يرد «تكتل التغيير والاصلاح»، في اجتماعه اليوم، على مواقف بعض اركان «تيار المستقبل»، لا سيما منهم الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق، «لجهة عدم اعترافهما بحقوق ما يمثل التيار الوطني الحر لدى المسيحيين، لا سيما الحق في اقتراح التعيينات المسيحية في الدولة، اسوة ببقية الطوائف الكبرى الاخرى التي يحتكر زعماء الاكثرية فيها حق التعيين بل حق التصرف بمقدرات الدولة»، وفق مصادر في «التيار الوطني». (السنيورة عاد وأوضح حقيقة ما نشرعلى لسانه).
وبعيدا عن السجال الدائر حول التعيينات الامنية ومدى صوابية مواقف الاطراف منها، ترى اوساط «التيار البرتقالي» ان «التيار الازرق» يتعامل مع مطالب وحقوق المسيحيين وفق قاعدة «ما هو لي.. لي وحدي، وما لكم.. لي ولكم»، بمعنى انه «يحق لتيار المستقبل ان يقترح ويعين ويقرر ما يراه في ما خص شؤون الطائفة والبلد عموما من دون ان يعارضه احد، كما حصل مؤخرا عند طرح وزير الداخلية اسم العميد عماد عثمان لمديرية قوى الامن الداخلي ولم يعترض أي مكون من مكونات الحكومة ولا حتى «التيار الوطني» على الاقتراح. وعند وصول الامر الى ما يحق للآخرين، لا سيما المسيحيين يود المستقبل ان يتقاسم معهم حق التعيين والتوظيف والتشريع والتقرير والاعتراض في مجلس الوزراء».
هذه المسألة بدأت تثير حساسية الشارع المسيحي، ويذهب البعض الى القول انها ستزيد من شعبية العماد ميشال عون وتياره، لأن طريقة التعاطي معه ومع جمهوره خلال السنوات الاربع الماضية باتت «مستفزة»، كما يصفها المقربون من «التيار الحر» وحتى من المسيحيين المستقلين، الذين طالما شكوا من سوء تطبيق اتفاق الطائف لجهة احتكار القرار من قبل ما سمي وقتها «الحريرية السياسية»، والتي تفاقمت اكثر بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وبالمقابل، ثمة من يرى ان العماد عون فتح، بالسقف العالي الذي وصله في هذه المعركة، ابوابا كثيرة كان يمكن تجنب الوصول اليها وابقاء خط الرجعة مفتوحا، خاصة في بلد التسويات السياسية والطائفية المعتمدة منذ ما قبل التسعينيات، لا سيما ان تعطيل مجلس الوزراء يشكل مخاطر اكبر من عدم تلبية مطلب او تحقيق العدل في ظلامة معينة، كما قال الرئيس تمام سلام، وبات اللجوء الى التعطيل ومن ثم التلويح بالشارع يحمل بذور صدامات سياسية بين عون وبين اكثر من طرف سياسي لا مع «المستقبل» وحده، عدا انه يحرج بعض حلفاء عون او حلفاء حلفائه، وهو الامر الذي دفع الرئيس نبيه بري الى رفض تعطيل مجلس الوزراء، وهو غير قادر على تفعيل عمل مجلس النواب بسبب السقف العالي والشروط التي يضعها «تيار المستقبل» وحلفاؤه امام عملية التشريع ايضا.