Site icon IMLebanon

إمتحانات الثانوية العامة انطلقت… والرهان على مسابقات «بيضة القبّان»

 

«همّ وراح». بهذه العبارة يختصر مرشّحو الثانوية العامة بفروعها الأربعة: العلوم العامة، علوم الحياة، الاقتصاد والاجتماع والآداب والإنسانيات، اليومَ الأوّل من امتحاناتهم الرسمية. 41 ألف و157 تلميذاً شارَكوا في الاستحقاق، بينهم 38772 لبنانياً و2385 غير لبناني، وقد بلغ مجموع الطلبات الحرّة 2021. يومٌ حملَ همَّين للمرشحين التاريخ والفلسفة، أمّا المسابقات الأخرى فكانت أساسية بحسب كلّ فرع، تعاملوا معها على اعتبارها بيضة القبّان في النجاح.

الثامنة والنصف صباحاً، دقّت الساعة الصفر على كامل الأراضي اللبنانية، كلّ الترجيحات ما عادت تنفع لا في التاريخ ولا في محاور الفلسفة. تحوّلت أنظار المرشحين إلى عقارب الساعة «انشالله الوقت يكفّي». ما بين التأقلم مع المركز وتجاوزِ رهبة اللحظات الاولى «تقيلة ع القلب» مرّت مسابقة التاريخ بالنسبة إلى طلّاب الاقتصاد والعلوم العامة. فيما وضَعت مسابقة الرياضيات مرشّحي علوم الحياة أمام الأمر الواقع سريعاً فغاصوا بها، وبالمقابل تعامل معها مرشّحو الآداب والإنسانيات «من بعيد لبعيد»، على اعتبار أقصى طموحهم المعدّل.

 

في التفاصيل
«وين في عجقة سير، في مركز إمتحانات»، وفق هذه القاعدة استدلّ اللبنانيون أمس إلى مراكز امتحانات أبنائهم، إذ لم يكد يخلو شارع من وجود مركز، فوصَل الاهل بمعظمهم إلى البوّابة بيدٍ يمسكون مقود السيارة وبالأخرى الهاتف تحديداً google map.

لم يكن الوصول سهلاً الى ثانوية اللواء جميل لحود في بعبدات رغم وجود لوحة «براس الشارع»، أمّا شرطي البلدية فعبارته واحدة لجميع الواصلين: «السيارات بَس لكعب النزلة… التلاميذ يكفّوا مشي». تعليمات أثارت تململَ الأهالي إنّما «بَلعوها» حفاظاً على هدوء أعصاب أولادهم، الذين ساروا أمتاراً معدودة للوصول إلى المركز.

بينما كان المرشحون يبحثون عن أسمائهم على اللوح في الملعب لمعرفة آلية توزيعِهم في الغرف. وصَل فان ابيض ترجّلت منه ٣ معلّمات، وبدت ملامح تعبِ الطريق على محيّاهنّ، هتفت إحدى الأمّهات: «حجِّة انتبهوا ع ولادنا»، فردّت المعلمة: «كلّن مِتل ولادنا»، جواب زرَع الابتسامة على وجوه الأهالي وخفّف وطأة ارتباكهم.

 

مفتاح عبور
قرابة الثامنة والاربعين دقيقة، دخَلنا المركز وسط إنضباط تام، الكلّ منهمك في وظيفته، في هذا الإطار، أعرَبت رئيسة المركز ميسون مروان زيدان عن امتنانها لانطلاق الاستحقاق، قائلة: «في المركز 106 مرشّحون، 10غرف، 3 منها خُصِّصَت لذوي الاحتياجات الخاصة حسب أوضاعهم الصحية، قد يحتاجون إلى قارئ أو كاتب، أو موَجِّه نفسي، وهذا الدمج جديد أقدَمت عليه الوزارة إيماناً منها بأهمّية التآلفِ والتعايش والمساواة بين الفئات الطالبية كافة». تابَعت موضحةً في حديث لـ«الجمهورية»: «يشرف على عملية المراقبة 4 مراقبين عامّين، و 24 عاديون».

أمّا عن توجيهاتها للأساتذة صباح انطلاق الاستحقاق، فقالت: «التعليمات واضحة، الطلّاب سواسية، الهدوء أساسي في القاعات لتأمين الأجواء المؤاتية لمن درس واجتهد. وقبل كلّ شيء ابتسامة المعلّمين هي مفتاح عبور في وجه المرشحين، فلا يجب التعاطي معهم بعنف معنوي أو نفسي، لا سيّما لجهة هاجس الوقت المخصّص لكلّ مسابقة». وتتابع بصراحة متناهية: «نبّهتُ الأساتذة إلى أهمّية عدم التأفّف على مسامع المرشحين، لا سيّما ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يُمنَحون ربع ساعة إضافية، أمّا هواتفهم فهي ممنوعة، وقد وُضِعت في سلّة خاصة في مكتبي».

وعمّا إذا كان لديها أيّ ملاحظة لوجستية، فنَقلت ملاحظة المراقبين لديها: «بعض المراقبين علِق في زحمة سير واشتكى من البعدِ الجغرافي عن المركز، كقدومِه من منطقة كفرشيما، الغدير…».

قرابة التاسعة والنصف قُرع الجرس وتنفّس طلّاب فرع الاجتماع والاقتصاد الصعداء أخَذوا قسطاً من الراحة استعداداً لمسابقة الاجتماع، أمّا نحن فغادرنا ثانوية اللواء جميل لحود وتوجّهنا إلى مدرسة بيت مري، حيث طلّاب العلوم العامة كانوا منغمسين في مسابقة الكيمياء.

 

«الدقيقة دهب»
من ينظر في عيون المرشحين في مدرسة بيت مري الرسمية المختلطة، لا يقرأ إلّا عبارة واحدة: «عطونا وقت وما بدنا شي»، نظراً لأهمية حاجتهم للتركيز في مسابقة الكيمياء التي تلت مسابقة التاريخ، فمجموعها على 80 علامة، لذا في ميزانهم «كل دقيقة دهب». في هذا السياق، أعرب رئيس المركز جمال عباس لـ«الجمهورية» عن إمتنانه لسير الإمتحانات، قائلاً: «في المركز 174 مرشحاً، ولكن غاب منهم نحو 41، أما السبب فعلمت من زملائهم أنهم تقدّموا من إمتحانات الـ bac francais، ويبدو أنهم واثقون ومطمئنون لنتائجهم». ويتابع: «عدد المراقبين 23 عاديين و4عامّين، وهناك 3 أساتذة إحتياط، لذا الإمتحانات تسير على خير ما يُرام». وعمّا إذا ضُبطت أي محاولة غش في التاريخ، فأكّد «أن الطلاب أظهروا أعلى مستوى من الجدية، ولم نحتَج إلى توجيه أي ملاحظة».

 

الرياضيّات… «مرحومة»
وحدهم مرشحو الآداب والإنسانيات وعلوم الحياة «إستفتحوا» يومهم الأول بالرياضيات. تلك المسابقة التي غالباً ما يتصبّب الطلاب عرقاً لمجرّد لفظها، بصرف النظر عن مستواهم العلمي. وحيال إنقسام آراء الطلاب حول طبيعة المسابقة لهذه الدورة، يقول نقيب المعلمين السابق نعمة محفوض، وهو أستاذ رياضيات لمرحلة الثانوية: «المسابقة عادية جداً، ومن عمِل بمستوى متوسّط لا بد أن ينجح، لم تأتِ خارج المألوف». وأضاف في حديث لـ«الجمهورية»: «إذا افترضنا الرياضيات على 20 علامة، غالباً ما يُترك سؤال أو سؤالان للطلاب اللّامعين، الذين يذهبون بعيداً في تحليلهم وسِعة تفكيرهم، وهؤلاء مَن يحصدون الدرجات والتنويهات، وبذلك يتمّ توجيههم لاحقاً إلى تخصصات علمية صرف. باختصار، مسابقة الرياضيات لعلوم الحياة هذه السنة «مرحومة»، من ضمن البرنامج».

وقدّم محفوض نصيحة للطلاب: «لا تُسلموا المسابقة إلّا حين يطلب المراقب تسليمها، لأنه حتى اللحظة الأخيرة قد يخطر في ذهن التلميذ أي تعديل لصالحه، قد يتنبّه له. فلا يعود ينفع الندم في ما لو كان قد سلّمها».

 

شمالاً
وفي محافظة الشمال، جرت الإمتحانات وسط أجواء هادئة، وبلغ عدد المرشحين 7739 طالباً، توزعوا على 47 مركزاً. تفقدت رئيسة المنطقة التربوية نهلا حاماتي عدداً من المراكز في طرابلس والشمال، واطلعت ميدانياً على حسن سير الإمتحانات، وأكّدت «أن الإمتحانات تجري بشكل جدّي ومنظّم، وفي أجواء هادئة لا تشوبها أية مشاكل، وحتى الساعة لم تسجّل أية إعتراضات أو تجاوزات، والأسئلة عادية وواضحة وغير تعجيزية، وهي متطابقة مع مضمون المناهج التربوية التي تلقاها الطلاب خلال العام الدراسي».