IMLebanon

«تلة» بيروت

 

لبنان معشوق، لا يحترم العشاق، ولا يملك مشاعر العاشق.

 

كل الأحاسيس العربية كانت تذوب هياماً أمام إغراء لبنان جبلاً وبحراً وأثراً… وشعباً.

 

جميع العرب أحب فيه الثقافة والصحافة والحرية والديمقراطية والجامعة والمستشفى… و»الكباريه».

 

لكل عربي فيه ليلاه.

 

لكن هذا كان، قبل أن ينقلب وطن الجمال، من أحسن حال، إلى أسوأ الأحوال.

 

الجبال الخضراء، أصابها الصلع بفعل المقالع العشوائية.

 

الهواء العليل تحول إلى علل بفضل التلوث.

 

الأنهار الصافية ملأت مجراها المجاري.

 

الشواطئ الرملية الذهبية أصبحت مكباً للنفايات.

 

الينابيع العذبة إختلطت بالصرف الصحي.

 

الخضار والفواكه تنمو بالمياه الملوثة والمسرطنة.

 

هذا في الطبيعة. أما في السياسة والتحولات الإجتماعية، فقد تم استبدال الصلاحيات الدستورية بالمصالح المذهبية.

 

لم يعد اللبنانيون أصدقاء لهذه الدولة العربية أو تلك، بعد أن انقسموا إلى أعداء لهذا النظام أو ذاك.

 

1 Banner El Shark 728×90

 

تغيّر الإنتماء من عرب وفينيقيين، إلى عرب وفرس.

 

اندثرت عادة العرفان بالجميل، وحل محلها الجحود والنكران.

 

سقط شعار «يا هلا بالضيوف»، لتشهر بوجههم السيوف.

 

إذاً، نحن اليوم غير ما كنا بالأمس.

 

ومن باب استغراب المستغرب، لماذا نستغرب تحول قمة الملوك والرؤساء والأمراء إلى «تلة»، بالكاد ترتفع إلى مستوى وزراء الخارجية؟.

 

وتأكيداً لانحدار أخلاقنا السياسية، نلجأ إلى تبرئة أنفسنا، باتهام القيادات العربية بالعمالة. وأنهم غابوا عن «قمة بيروت الإقتصادية» لأن أميركا أمرتهم بذلك. وفاتنا أن نشيد بتمرد رئيس موريتانيا وأمير قطر على تعليمات ترامب الإلزامية… وكأنهما من أحفاد تشي غيفارا!.

 

إنه العذر الأقبح من ذنب التهديد والوعيد، الذي ارتكبناه.

 

من المعيب أن نقدم على الإساءة لسمعة 19 ملكاً ورئيساً وأميراً، بهذا القدر من الإهانة. وأن نعتبرهم عملاء غب الطلب.

 

لكن، من نعم العرب علينا، أن قياداتهم ما زالت حريصة على لبنان. وتدرك أن ما قيل من البعض، قد تم تقويله لهم إيرانياً. ولهذا لم تأخذها ردة الفعل، إلى مقاطعة عربية للبنان. لو تمت، لتقطعت أوصاله الدبلوماسية، ولانقصم ظهره السياسي والإقتصادي.

 

لقد نظر القادة، بإمعان ومسؤولية، إلى النصف الممتلئ من الكأس السياسي اللبناني… واعتبروا النصف الفارغ كلاماً فارغاً.

 

ومما لا شك فيه، أن التصرف الحكيم من الرئيسين عون والحريري، ومعهما كثر، قد ساهم في التخفيف من الغضب العربي الرسمي، الذي لو انفجر، لتحولت «تلة بيروت» الإقتصادية، إلى قمة الإنتقام من لبنان، وبالتالي، تدمير علاقاته العربية والدولية.

 

صحيح، أن لا أحد ينتظر من «قمة الغياب» المعجزات والمنجزات. فقد تعودنا، حتى في «قمم الحضور الكبير»، على قرارات تسرف بإغداق العواطف والوعود… وهي أيضاً قرارات نسي المجتمعون أنهم سبق واتخذوها من قبل.

 

ورغم معرفتنا المزمنة، بأننا أمام قمة أخرى من قمم القرارات الوهمية، فلا مفر من احترام انعقادها في بيروت… حتى لو استمر أبطال الفشل بالسعي لإفشالها.