اما وقد أنهى معاون وزير الخارجية الاميركية ديفيد هيل، الى لبنان زيارته المشبوهة الى لبنان في هذا التوقيت بالذات، ما هي الخلفيات والاهداف المعلنة وغير المعلنة لما اراد المسؤول الاميركي ايصاله لحلفائه، وما هو عليهم عمله وفق ما تقتضيه سياسة ادارته الموغلة في دعم ارهاب العدو الاسرائيلي وعدوانيته والعمل لضرب ومحاصرة كل من يرفع لواء ليس فقط المقاومة ضد هذا العدو، بل محاربة كل من يدعو لتسوية تحفظ الحد الادنى من حقوق الفلسطينيين والعرب.
وفق معطيات لمصادر ديبلوماسية عربية في بيروت على اجواء الحراك الاميركي على المستوى العربي والاقليمي في زيارة هيل الى بيروت لا تنفصل عما تسعى الادارة الاميركية اثارته من جديد في مواجهة قوى ودول محور المقاومة، من ايران، الى العراق، مروراً بسوريا وفلسطين وصولاً الى لبنان، ولو ان زيارة الديبلوماسي الاميركي في الساعات الماضية الى بيروت تدخل مباشرة في سياق الدعم اللامحدود لما يقوم به قادة الاحتلال من تصعيد وخرق ضد لبنان ومقاومته وتدخل ايضاً في سياق السعي الاميركي المحموم لتوسيع الحصار على المستويات كافة بحق حزب الله، وكل من يتحالف معه.
ولذلك تلاحظ المصادر ان طبيعة لقاءات هيل بالاجمال، وما اعلنه بنفسه وفي تصريحاته او ما سرب عما طرحه في اللقاءات مع الشخصيات الحليفة للولايات المتحدة، يؤكد على الاتي:
1- ان هيل لم يتطرق من قريب او من بعيد لما يقوم به العدو الاسرائيلي من خروقات يومية ضد لبنان، براً وبحراً وجواً، والتي كان آخرها قيامه ببناء الجدار على المنطقة المتنازع عليها مع لبنان بالقرب من بلدة كفركلا، بل ان كل ما تحدث عنه بالسر او بالعلن تبرر للعدو ما قام ويقوم به من اعتداءات وخروقات، وعدم تنفيذه للقرارات الدولية، بدءا من القرار 1701.
2- اعطى الديبلوماسي الاميركي اهمية استثنائية، لما زعمه العدو عن اكتشاف انفاق على الخط الازرق بين لبنان وفلسطين المحتلة، في مقابل اثارة كل اشكال التحريض والاكاذيب ضد حزب الله عبر اطلاق المزاعم من ان الحزب يهدد كيان الاحتلال، في وقت لم يتطرق بكلمة واحدة الى خروقات العدو بالعشرات يومياتعلى طول الخط الازرق وللقرار 1701.
3- لقد ذهب الديبلوماسي الاميركي في معظم مواقفه وكلامه امام بعض الذين التقى بهم حيث تفادى بحسب معطيات المصادر مثلا اثارة الكثير من المزاعم عن حزب الله امام رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال عون ونبيه بري، وبالتالي فالكلام العالي السقف من هيل بحق حزب الله جاء امام الشخصيات الحليفة لادارته الذين التقى بهم، او خلال تصريحاته بعد زيارة بعض هؤلاء خاصة الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة او البيان الذي صدر عن السفارة الاميركية، فالامر الوحيد الذي شغل الديبلوماسي الاميركي في بيروت، هو في التحريض ضد حزب الله، وما زعمه «انشطة الحزب وامتلاكه اكثر من مائة الف صاروخ».
4- العودة للتدخل في الشأن اللبناني ليس فقط بما خص الدعم اللامحدود لكيان الاحتلال الاسرائيلي، بل محاولة «اشعال النار» بما خص ازمة تشكيل الحكومة بتأكيده من «بيت الوسط» ان ادارته مهتمة بطبيعة تشكيل الحكومة، ما يعني – وفق تأكيد المصادر – رفض لتمثيل اللقاء التشاوري لاعتقاده وحلفائه ان هذا التمثيل يمثل انتصاراً لحزب الله، ولو ان هذا الموقف يستهدف عدم ترجمة نتائج الانتخابات النيابية.
5- العمل لاثارة المزيد من الخلافات الداخلية، من خلال اعطاء «جرعة دعم جديدة» لحلفاء الولايات المتحدة في لبنان، بأن واشنطن مستمرة في دعمهم، طالما يتحركون على وقع ما تريده السياسة الاميركية ممارسة الضغوط والحصار على حزب الله، بحيث تتناغم مواقف الطرفين مع حملة التجييش والتحريض بحق حزب الله وحلفائه، ارتد هذا الامر ازمات اقتصادية ومالية على كل اللبنانيين.
من كل ذلك، تشير المصادر، الى ان زيارة الديبلوماسي الاميركي الى لبنان ليست منفصلة عما تعمل له ادارة ترامب من مشاريع لاثارة المزيد من التفتيت والانقسامات على المستويين العربي والاقليمي، ولو ان عنوانه الواضح هو في تسويق صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية ودفع حلفائها من الدول العربية لتسريع التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، على قاعدة ان ايران وقوى المقاومة هم «العدو الاول» بالنسبة لهؤلاء جميعا.
ولذلك توضح المصادر ان هذه الزيارة تأتي استكمالا للجولة التي قام بها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في عدد من الدول العربية وسيستكملها الاسبوع المقبل، حيث كشف الاخير مرامي واهداف هذه السياسة بشكل واضح من القاهرة، بدعوته حلفائه العرب لتجاوز خصوماتهم ومواجهة ايران، وكذلك تركيز على ما زعمه دور حزب الله في تهديد الاستقرار، واستطراداً معظم مواقع الصراع في المنطقة، من سوريا، الى العراق واليمن.
لكن الامر اللافت، بحسب المصادر، ان كل الذين التقاهم هيل من حلفاء الولايات المتحدة، «بلعوا ألسنتهم» ليس للرد على حملة التحريض والمزاعم ضد حزب الله، بل في الحد الادنى الرد على تبرير الديبلوماسي الاميركي لخروقات العدو لسيادة لبنان، حيث انحصر للرد من جانب الرئيسين عون وبري الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل وقادة الاجهزة الامنية.