Site icon IMLebanon

هيلاري و”الرجل الأبيض” الأميركي

تبدو هيلاري كلينتون حتى الآن أقرب من جميع المرشحين الى الفوز في الإنتخابات الرئاسية الأميركية في 2016. غير أن الناخبين لم يسلموا أسرارهم وأصواتهم بعد الى صناديق الإقتراع. تنطلق هذه العملية اليوم من ولاية آيوا بوسط غرب الولايات المتحدة. أبواب المفاجآت تبقى مفتوحة حتى اليوم الأخير من الإنتخابات في أعرق الديموقراطيات عبر العالم.

لا يستهان بمنافسي هيلاري كلينتون بين الديموقراطيين. لم يبق منهم سوى إثنين. يتساءل المراقبون عما إذا كان السناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت يمكن أن يشكل مفاجأة، فلتة شوط في هذا السباق مع كلينتون. لا يبدو حاكم ولاية ميريلاند مارتن أومالي في موقع يهددها. تحمل كلينتون إرثاً لعائلة تمرست في السياسة حتى من قبل أن تصير السيدة الأميركية الأولى، مع زوجها الرئيس سابقاً بيل كلينتون. واصلت عملها السياسي في واشنطن عبر السنوات التالية. تحدّت الرئيس باراك أوباما في المعركة الرئاسية التي أوصلته الى البيت الأبيض. بيد أن خسارتها ذلك السباق لم يحل دون توليها منصب وزيرة الخارجية في حكومته. لهيلاري كلينتون عوالم كثيرة في السياسة تجعلها مرشحة استثنائية لخلافة باراك أوباما.

تظهر إستطلاعات الرأي ثبات تقدم هيلاري كلينتون – على رغم “هفواتها” وبعض نقاط الضعف الأخرى – على بيرني ساندرز الذي يلقى جاذبية في أوساط الشباب وبين التقدميين. بيد أن هذا الفارق ضئيل نسبياً. يميل كثيرون الى الأفكار الليبيرالية التي يسوقها هذا المرشح الأميركي المتحدر من أب يهودي بولوني وأم ذات أصول يهودية روسية. إذا خسر في التجمعات الإنتخابية في آيوا اليوم ستتراجع حظوظه كثيراً. أما إذا استطاع أن يتقدم، فسيغير الكثير من الحسابات. ولكن هل يتقبل الأميركيون مرشحاً رئاسياً ينادي علناً بنوع من الإشتراكية الديموقراطية، ولو على الطريقة الأوروبية الإسكندينافية، في بلد تأسس على الأسواق الرأسمالية المفتوحة؟ الذين يعرفون التركيبة المحافظة للنظام السياسي الأميركي يستبعدون ذلك. سيكون فوز هيلاري كلينتون بذاته تحولاً جذرياً آخر في مطبخ السياسة الأميركية. تغيّر كثيراً موقع “الرجل الأبيض” الأميركي عما كان حتى في القرن العشرين.

في المقابل، أشبع المرشحون الجمهوريون الناخبين الأميركيين بالكثير من الدعاية ضد “الرجل الأسود” في البيت الأبيض. ما بالكم بنظرتهم الى امرأة يمكن أن تصير الرئيسة في الولايات المتحدة. لا يعجب هذا الأمر دونالد ترامب، الملياردير الذي يتقدم الجمهوريين على رغم مجيئه من عالم “عدم السياسة”. يبدو السناتور تيد كروز، المتحدر من أصل كوبي، أكثر تعمقاً في هذا العالم، على رغم منطقه الإنجيلي المحافظ. تبدو مفاجئة شكلية تزكية صحيفة “النيويويرك تايمس” للسناتور جون كاسيك عند الجمهوريين.

على غرار كثيرين، ينتظر العرب بفارغ الصبر نهاية عهد أوباما، غير أنهم يتطلعون الى كلينتون أكثر منهم الى سواها. هي التي حذرت الزعماء العرب من المجازفة بترك بلدانهم “تغرق في الرمال” إذا لم يحرروا أنظمتهم السياسية ويطهروا اقتصاداتهم.