IMLebanon

رسالة نيافته موجهة الى  عون وليس الى بري

دعوة الى التمهّل لكل من يحاول أن يفهم ما يجري في عمق التطورات المتسارعة حول الاستحقاق الرئاسي، وليس الغرق في شبر ماء من التفسيرات المرتجلة أو المغرضة. ولا بد إذن من وضع اطار عام للفهم يتلخص في أمرين: الأول، هو أن البلد يتخبّط في أزمة مهلكة منذ نحو سنتين وأربعة أشهر من الشغور الرئاسي وغيرها من مسلسل الأزمات التي تهدّد بانهيار عام. وقاد ذلك كله الى تجاوز الدستور وتجميده عملياً، والى شلل في السلطتين التشريعية والتنفيذية، والى حالة فلتان عام على مختلف الصعد. وهذه الحالة الشاذة والاستثنائية لا يمكن معالجتها بالوسائل الدستورية والقانونية الغائبة عن اعتبار القوى السياسية المتصارعة والتي قاد اشتباكها الى الحالة الراهنة، وانما بحلول سياسية واقعية مبنية على تفاهم بين مكونات الوطن.

الأمر الثاني في محاولة وضع اطار عام للفهم، هو ان المعارضة الضمنية العميقة لوصول العماد عون الى الرئاسة تأتي – خلافاً لكل المظاهر الخادعة – من الأوساط المسيحية وليس من الأوساط الاسلامية! واذا خرج الرئيس سعد الحريري بنتيجة ايجابية بتبني ترشيح العماد عون للرئاسة فان الضرر في الوسط الاسلامي سيكون محدوداً، وتداركه سيكون ممكناً بحكم حكيم ومتوازن في العهد الجديد. أما بعض المرجعيات السياسية وغير السياسية فانها تبطن ان وصول العماد عون لرئاسة الجمهورية هو قضية حياة أو موت بالنسبة لها، في حاضرها ومستقبلها!

في مراجعة لمواقف هذه المرجعيات آنفة الذكر طوال سنتين لم يلحظ المتابع أي دعم بالتلميح أو التصريح لترشيح العماد عون للرئاسة. وعلى العكس فانها اتخذت مواقف مموّهة تصبّ في النهاية ضدّ هذا الترشيح. وعندما كانت تحاصر بالسؤال لمعرفة حقيقة موقفها، أو لاصطياد ولو تلميح بعيد بتأييد العماد عون، كانت تصاب بالاحراج، ويخرج الكلام منها بأسلوب… التأتأة! والمفاجأة الأخيرة للرئيس سعد الحريري باحتمال ترشيح عون أصابت هذه الفئة بنوع من الكساح الذهني والسياسي! وهي تراهن اليوم على تحريض العماد عون واحراجه، بهدف توظيف عون في مهمة تدمير فرصه للرئاسة بنفسه عن طريق التصلّب والتشدّد في وجه من غيّر في اتجاه بوصلته، أو على استعداد للتغيير والتخوّف الأعظم هو ان يلجأ عون الى البراغماتية مع ثباته على المبدأ فيصل الى قصر بعبدا… وهي الطامة الكبرى بالنسبة الى هؤلاء…

العظة الأخيرة لنيافة الكردينال بشاره الراعي البطريرك الماروني، هي حدث مهمّ في حدّ ذاته، وهي رسالة موجهة، ليس الى الرئيس بري إلاّ في الظاهر، أما مضمونها الدسم فهو موجّه الى العماد عون!