IMLebanon

مقام سماحة المفتي فوق كل اعتبار

 

 

أتفق مع صاحب السماحة على كثير من الأمور وأختلف معه على أكثر الأمور، ولكن يبقى انه المرجعية الأولى للطائفة السنّية، ولا أسمح لنفسي بأن أنتقص منها، وأتمنى على الجميع أن يحافظوا على هذا المقام بعيداً عن المناكفات، وبعيداً عن الأمور الشخصية أو الخاصة أو الرغبة بمبدأ «قوم لأقعد مكانك»..

 

مسيرة صاحب السماحة الشيخ عبد اللطيف دريان، مسيرة عطرة. وهو رجل متواضع محترم صادق وتركيبته غير صدامية… لا يحب الخلاف، يبتعد عن المهاترات، ومحب للواجبات الدينية.

 

وسماحته يتحلّى بسعة صدره ورجاحة عقله، ويبتعد عن كل ما يفرّق بين أبناء الطائفة، ويسعى ليجمع الجميع على الخير، وما يفيد مصلحة الطائفة التي يعتبرها أمانة في عنقه وهو مجنّد للعمل بها.

 

ومع المحبة التامة، فإنّ عندي عتب عليه يوم لبّى دعوة السفير السعودي الى منزله كي يستطيع السفير أن يجمع أكبر عدد من نواب أهل السنّة. وبالفعل كان العدد مقبولاً. ولكن المصيبة أنّ جميع الذين حضروا جاؤوا كرمى لصاحب السماحة، وكان حضورهم فقط من أجل أخذ الصورة لا أكثر ولا أقل… إذ ان معظمهم لا يزال يبحث عن قائد (أعني النواب) هذا أولاً. ولكن بكل صراحة أقول لسماحته: هل يمكن لغبطة البطريرك أن يدعو النواب المسيحيين لاجتماع بحضوره الى منزل أي سفير من السفراء؟ بالطبع لا… إذ كان على سماحته بدل أن يلبّي دعوة السفير أن يدعو السفير والنواب الى «مقام» دار الفتوى وهذا أكيد أفضل و»أليق».

 

ففي كل يوم يمر نكتشف ونتأكد أنّ الفراغ الكبير الذي تركه الرئيس سعد الحريري، لم يستطع أحد أن يشغله، ولا أن يشغل حتى جزءاً منه.

 

إذ ان الساحة السنّية هي في أسوأ حالاتها في تاريخ لبنان. وهنا لا بد من أن نحمّل المسؤولية للمملكة العربية السعودية التي انسحبت من لبنان بحجة انها لن تساعد لبنان بوجود حزب الله.

 

والأغرب من ذلك أنّ المملكة بقيت 3 سنوات ترجو الصين كي توقف الحرب التي بدأت بين المملكة والحوثيين في اليمن.

 

وهنا أستغرب كيف تقاصص المملكة أهل السنّة في لبنان؟ وتجبر زعيم أهل السنّة من دون أي منافس على ترك لبنان بحجة غير مقبولة حيث يدعون أنّ سعد الحريري كريم جداً ومبذر؟

 

وهنا قد يكون سعد الحريري كريماً ومبذراً، وهذه صفة حميدة ومفيدة،  ويمكن معالجتها بتعيين محاسب.

 

ولو نظرنا الى وضع المملكة العربية السعودية في لبنان أيام وجود الرئيس سعد الحريري، وقارناه بموقعها اليوم بعدما دفعوا الملايين في الانتخابات النيابية الأخيرة، ولكنهم لم يستطيعوا أن «يحصلوا» على نائب واحد. بينما كان الرئيس سعد الحريري يملك أكثرية النواب السنّة والبالغ 27 مع عدد محترم من جميع الطوائف حيث حقق في يوم من الأيام (أي أيام الملك عبدالله) 85 نائباً، أما اليوم فالنتيجة صفر.

 

لم تسقط المملكة العربية السعودية بسياستها في لبنان، بل القضية انه لا يوجد زعيم أو دولة واحدة استطاعت أن تجمع أهل السنّة.

 

هذه ميزة فريدة في تاريخ لبنان.. إذ لم يستطع أي زعيم سنّي أن يحقق إجماعاً كما حصل منذ مجيء شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري.. وهنا علينا أن نعترف أيضاً ان الرئيس سعد الحريري استطاع أن يحقق أمنية والده -كما ذكرنا- حيث حصل على أكبر عدد من النواب السنّة.

 

بالعودة الى الحملة التي تطال سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية، فلا بد أن تتوقف.. وأتمنى على الذين يدّعون أنهم غيارى على مصالح أهل السنّة في لبنان احترام هذا المقام، ومن غير الجائز بل من المحرمات أن يعتدوا على هذا المقام، لأنّ هذا العمل لا يحقق في النهاية إلاّ الضرر بمصالح ووجود أهل السنّة، خصوصاً ان العالم العربي أكثريته من أهل السنّة. إذ علينا أن نعرف ان عدد أهل السنّة في العالم 1.500 مليون، بينما عدد أهل الشيعة 150 مليون نسمة.

 

أخيراً، مع تقديرنا واحترامنا لسماحته، نتمنى عليه أن يكون قلبه كبيراً وعليه أن يتحمّل الجميع حتى الذين يسيئون إليه لأنه الاب الحقيقي للجميع.

 

كلمة أخيرة، نريد أن نسأل: من يتحكم في السياسة السعودية في لبنان؟ هل يوجد حليف للمملكة غير الدكتور سمير جعجع؟ كذلك نسأل: ماذا لو توقفت المملكة عن دعم الدكتور جعجع.. هل يبقى الدكتور على مواقفه المؤيدة للمملكة؟

 

اليوم يوجد عند جعجع 20 نائباً، وعند وليد بك 9 نواب، بينما كما قلنا، في عهد الرئيس سعد الحريري كان عدد المؤيدين للمملكة مع الحريري 85 صوتاً.

 

كذلك لا بد من القول إنّ الأموال التي دفعت في الانتخابات الأخيرة، والتي وصلت الى أرقام عالية جداً.. لم تأتِ بنائب سنّي واحد، ولو دفعت للرئيس الحريري لكان المجلس اليوم يقف في مصلحة المملكة، مع العلم ان أحد الوزراء السابقين حصل على مبلغ 20 مليون دولار ولم يستطع تحقيق فوز نائب واحد سنّي.