لم يكن وليد جنبلاط في حاجة الى البحث عن الكاريكاتورات التي بثّها مغرداً في “تويتر” موحياً الدخول في فترة من التأمل ستطول حتماً، بعد إعلان سمير جعجع تأييده ميشال عون، ما قد يقيم ثنائية مارونية تضاف الى الثنائية الشيعية، لكأن البعض في هذا البلد السعيد أيتام مقطوعون من شجرة عليم الله.
كان يكفي ان نقرأ تصريح الصديق هنري حلو، الذي ذكّرنا بأنه لا يزال المرشح الذي إختارت المختارة ان تضعه قطبة مخفيّة في وجوه المرشحين الآخرين والى ان يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في ذلك النسيج الماروني المتعارض، فعلاً كان هذا كافياً لنعرف ان الطريق بين الرابية وبعبدا لا تزال على حالها بعد “اعلان النوايا” العشر أو “الوصايا” اذا أردتم يا سادة يا كرام، التي قرأها جعجع وصفق لها عون لتكزكز ورقة مار مخايل السلام لأسمه على أسنانها.
ولم يكن وفد تيار “المستقبل” في حاجة الى ركوب الطائرة وتحمل وعثاء السفر الى الرياض، للتشاور في موضوع إطلاق ميشال سماحة كما أُعلن في بيروت، أو لماذا تُوضَع العصبة عادة على عيني سيدة العدل وميزانها بما منعها، على ما يبدو، من ان ترى ان هناك ما يوجب إبقاءه في الإعتقال بعدما ستر الله سبحانه وتعالى، فلم تتفجر قنابله فيهم “كِلّن كِلّن”!
ولا سافر هذا الوفد لأنه كان في حاجة فعلاً الى إستكشاف مكنونات سعد الحريري وما اذا كان لا يزال متمسكاً بترشيح سليمان فرنجية، بل للتأمل والتبصّر والتصبّر والبحث في ما يجب ان يُعمل لإستيعاب “ردّ الرِجل” المفاجىء من معراب، لهذا فقط سافر الوفد بعدما لعبت التورية السنيورية دورها عبر تذكير من يلزم بأن رئيس الجمهورية ينتخبه مجلس النواب، ما يعني ان “إعلان معراب” ليس ولن يكون كاسحة ألغام تمهد طريق الجنرال من الرابية صعوداً الى بيت شعب لبنان العظيم!
كان يكفي التأمل في وجوه الخارجين من عين التينة وهي تتشفى على كثير من ضحكات مكتومة، لأن نبيه بري على موقفه المؤيّد لفرنجية ولن ينفع ضغط “حزب الله” لمصلحة عون، لكأن الحزب المضغوط الآن بين حليفين، في وارد ممارسة الضغط لعون الذي صفق لورقة معراب التي مزقت تقريباً ورقة مار مخايل، كان يكفي هذا ايضاً لتعميق الإستنتاج أن الجلسة رقم ٣٥ في ٨ شباط لإنتخاب الرئيس ستكون مجرد خطوة في “رحلة الفالصو” التي ستطول.
المضحك ان البعض راح يتسلى بإجراء “بوانتاج” ليكتشف سريعاً ان لا عون ولا فرنجية يمكنهما تأمين ما يكفي من الأصوات، لا للنصاب الذي يتعرّض “للنصب” منذ سنتين تقريباً، ولهذا في وسع صديقي هنري حلو ان يبقى فخامة المرشح السعيد للرئاسة!