نستطيع رؤية لبنان يتلاشى أكثر، ونتخيل ان تعقد الجلسة رقم ٣٥٠ لانتخاب رئيس جديد ولكن من دون نتيجة، الى ان “يحين قطافها فنقطفها”، كما يقول “حزب الله” لكأن الرئاسة تفاحة او حبة بندورة لم تنضج “ولنترك الأمور للزمن”!
لكنها قمة الغرائب عندما يكون لـ٨ آذار مرشحان، واحد “فافوري” في جريدة “هبّت” وواحد مُضمَر في المرمح، ويبقى النصاب ممنوعاً خوفاً من “فلتة الشوط” بمعنى ان يقتحم خط الوصول حصان آخر “من برّا” فالخيول كثيرة والمضَمِّرون كثر و”الجوكيي” أيضاً!
والنتيجة تماماً كما قال تمام سلام لزميلتنا هدى الحسيني، ان الصراع في لبنان أنهك الدولة وانه يمهّد لدويلات صغيرة في داخله، تحاول كل منها السيطرة والنفوذ وان تكون لها كلمتها وحصتها، في غياب تراجع المؤسسات الدستورية، وهو ما أدّى الى إضعاف الدولة الللبنانية امام دويلات أخرى.
طبعاً هناك تفاوت في أحجام هذه الدويلات، لكنني لطالما كنت أظلم تمام سلام عندما ألومه على صبر أيوب ليتبيّن انه أشبه برجلٍ وضعوا في عهدته ولداً أو لقيطاً اسمه لبنان ونَسوه تماماً، فصارت عليه هو مسؤولية العناية به او إعالته، ومصيبة ان يلقيه في الشارع ومصيبة ان يبقيه تحت مسؤوليته، وليس من حبال كافية ليشنق نفسه ويرتاح!
وهكذا تمضي الجلسة رقم ٣٥ ويقلب نبيه بري روزنامة المواعيد الجديدة، في حين يكتشف صديقنا فريد مكاري ان معنى “عندما يحين قطافها” هو ان “حزب الله” مدعوماً من ايران يراهن على تعديل الدستور ولا يريد انتخاب الرئيس، لأنه يسعى الى الحصول على مشاركة دائمة وفعلية في السلطة، لكأن دستور الطائف لا يؤمن له هذه المشاركة، فيا لهذا الإكتشاف المذهل!
مكاري يلوم سليمان فرنجيه لأنه قال عن السيد حسن نصرالله “سيد الكلّ”، ولا سيادة إلاّ للدولة، لكن ذلك يلغي كل عجب من ان الرئيس العتيد لن يخرج [إن خرج] من صندوق الاقتراع مجلس النواب بل تهريبة من لعبة البارولي السياسية في الخارج، أولسنا في سباق الخيل؟
لست أدري من أين جاء الصديق فريد مكاري بنظرية ان “الدكتور سمير جعجع أنهى قوى 14 آذار بعدما عجز عن ترؤسها”، فعلى حد علم دولته وعلمنا جميعاً [مع الصديق فارس سعيد ايضاً] ان ١٤ آذار باتت روحاً في مكان وسياسة في مكان آخر، وليس سراً انها تلاشت تقريباً وانتهت، ولم يبقَ منها سوى الحسرة في قلبه وقلوب أهلها وليسوا قطعاً أو بالضرورة من السياسيين، بل من الذين حلموا ذات يوم بوطن وهوية وسيادة وكرامة وحرية وديموقراطية، ثم استيقظوا على واقع مناقض تماماً هو ما يتحدث عنه بألم تمام سلام!