مَن يتذكَّر؟
في مثل هذه الأيام من أَعياد العام 2015، ومن أعياد 2014، كيف كانت البلاد؟
لا إجتماعات، لا جلسات، لا أجواء عيد، الشغورُ والفراغُ سيِّدا الموقف، والشلل الحكومي غير مسبوق، أما إذا انعقدات أية جلسة لمجلس الوزراء فمن أجل الموافقة على سفر وزراء وبعثات ووفود إلى الخارج، بما كان يُعتَبر رشوةً لشراء بعض الولاءات.
***
هذه السنة الأمور مختلفةٌ، السادة الوزراء والنواب الذين برمجوا عطلة نهاية السنة ليكونوا في الخارج، لم توافق حقول الجلسات بيادر العُطَل:
أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء وغداً الخميس، يُفتَرض أنْ تكون ثلاثية جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة لتأخذ الثقة على أساسه. في نهاية المطاف ستنالُ الحكومة الثقة بأكثريةٍ تتجاوز المئة صوت، ليبدأ من بعدها العمل.
ثلاثة أو أربعة أيام بالأكثر، هو الوقت المتبقي ليلتقط الوزراء والنواب أنفاسَهم.
فالأربعاء المقبل الذي يصادف الرابع من كانون الثاني، هو موعد أول جلسةٍ لمجلس الوزراء بعد أنْ تكون الحكومة قد نالت الثقة:
التحديان الكبيران، في آن واحد، سيكونان أمام وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير المال علي حسن خليل.
وحسناً أن التحدي الأكبر بين يدي وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يطمئّن إليه الناس سواء في استتباب الأمن أو في إجراء الإنتخابات وفق أي قانون تضعه الحكومة بين يديه، ويصادق عليه مجلس النواب. فللوزير المشنوق باعٌ طويلة في إجراء الإنتخابات من دون ضربة كفٍ، وهذا ما بيّنته الإنتخابات البلدية والإختيارية التي رفع الوزير المشنوق لواء تحدي إجرائها في وقت لم يكن أحد ليتجاسر على التلفظ بها.
ومَن يتذكَّر أنَّ الوزير المشنوق كان أول مَن أعلن منذ أوائل الصيف الماضي أنَّ الإنتخابات الرئاسية ستجري أواخر هذه السنة، وأنَّ عام 2016 لن يمر إلا ويكون عندنا رئيس. هذا الكلام الموثوق يجعل كلَّ كلمة يقولها الوزير المشنوق، تستدعي التوقف عندها.
***
الوزارةُ التي لا تقلُّ حيوية وإلحاحاً بالنسبة إلى الناس هي وزارة الإتصالات، وحسناً فعل الرئيس سعد الحريري بإسنادها إلى الوزير جمال الجرَّاح المشهود له بجديته وإخلاصه ووفائه، وظهر من خلال عملية التسليم والتسلُّم بينه وبين سلفه الشيخ بطرس حرب، بأنه ملمٌّ بأحوال وزارة الإتصالات وكأنه فيها منذ زمن.
***
يبقى الوزير طارق الخطيب الذي تسلَّم الوزارة التي تقض مضاجع اللبنانيين وهي وزارة البيئة التي يئن اللبنانيون من أوجاعهم البيئية، بسبب ما تحملوا من الحكومة السابقة في ملف النفايات.
أليست مفارقة أنَّ معظم الوزارات التي فيها ألغام وقنابل موقوتة هي في عهدة وزراء من تيار المستقبل؟
هل لأن الرئيس سعد الحريري يتصرف ليس كرئيس حكومة فقط، بل باعتباره أم الصبي أيضاً؟
إن السنة الجديدة لناظريها قريبة:
رئيسٌ جديدٌ. رئيس حكومة جديدٌ. حكومة جديدة تحظى بثقة مجلس النواب:
بدأت عملية إعادة تكوين السلطة بأسرع مما يتوقع البعض. المطلوب المواكبة، لأنه ثبُت أنَّ الفرصَ لا تتكرر في لبنان.