اتصل، أمس، أحدهم من روما وتناول في كلامه الرئيس العماد ميشال عون، فقال إن فخامته «ضحكته رطل». وهذا تعبير لبناني معروف يشير الى الرضا والإنشراح والطمأنينة.
وسبحان مغيّر الأحوال الذي بدّلها من حال الى حال. فبعد تلك الأسابيع الثلاثة المحمومة جاءت فسحة من الزمن تعبق بأريج التفاهمات وربّـما التحالفات الاستراتيجية والإنتخابية خصوصاً التي ستظهر جليّة في تشكيل اللوائح إذا بقي كل شيء، في هذا البلد، على حاله اليوم.
وإذا كان ثمة عِبر يمكن التوصل اليها والإستفادة منها طوال هذه الأزمة، وفي نتيجتها، فهي دليلٌ على ما يتميّز به هذا الوطن الصغير عن الجيرة والمحيط.
أولاً – لم يعد دقيقاً أنّ الفكر اللبناني ليس خلاّقاً، وأنه بات عقيماً فلا ينتج حلولاً فذّة. والعكس صحيح فقد ثبت باليقين والبرهان والدليل الملموس أننا ما زلنا قادرين على إبتكار الحلول من رحم الأزمات.
ثانياً – ولقد ثبت بشكل قاطع أنه لا بدّ من حضور فاعل لرئيس الجمهورية. إنما هذا الحضور الفاعل لا يُعطى بل يُؤخذ. والأمر برمته يعود الى شخصية المقيم في قصر بعبدا، ولأنّ الرئيس ميشال عون كشف، مرة جديدة، عن شخصية قادرة وفاعلة ومحنّكة، ولأنه بادر الى التدخل في الأزمة منذ أيامها الأولى، ولأنه قادر على الحصول على تغطية شعبية وازنة فقد أجاد القيام بالدور، وعرف كيف يستوعب الأزمة، ثم يطوّقها، ومن ثم يسقط مفاعيلها.
ثالثاً – لا يمكن لأي يد أن تصفق وحدها. وبالتالي لا يمكن لأي طرف أو فريق أو طيف أن يحقق الكثير منفرداً، (فقط يمكنه أن يحقق السلبيات، كأن يعرقل مثلاً) ولكنه يستطيع الكثير بالتفاهم مع الأطياف الأخرى. من هنا نجحت مبادرة الرئيس العماد ميشال عون في مواجهة أزمة «استقالة الرياض»واسقاط مفاعيلها لأنه حظي بالتفاف حوله ودعم لمبادرته من الأطياف الأخرى: الحريري نفسه ودار الفتوى وآل الحريري (سنّياً)، والرئيس نبيه بري وسماحة السيّد حسن نصراللّه (شيعياً)، والوزير وليد جنبلاط والوزير طلال أرسلان (درزياً)… وهو، أي فخامة الرئيس عون، ينطلق أساساً من دعم مسيحي واسع. لذلك بدت إحدى أكبر الأزمات التي واجهها لبنان في تاريخه الحديث، وكأنها أمر عابر عارض… وهذا ما يميز الرئيس القوي الذي يجيد استقطاب سائر ألوان الطيف اللبناني.
رابعاً – لذلك لا نقول جديداً إذا توقعنا أن يطلع مجلس الوزراء الذي سيُعقد في الأسبوع المقبل، ببيان يطيب لنا أن نسمّيه بالتاريخي لاشك في أن بنوده وعناوينه العريضة باتت معروفة وفي عهدة الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري اللذين أودعهما إياها الرئيس مشال عون لتكون صيغتها النهائية جاهزة في الأسبوع المقبل…
وعلى قدر أهل العزم.